السبت، يونيو 21، 2014

عن الأمل والأماني

من ظن أن مخلوقا أو مجموعة من المخلوقين يمكنهم التخطيط والمكر المحكم الذي لا يفوته شيء أو حتى يقارب ذلك فهو واهم منهزم أو مغرور
ومن ظن أنه يمكنه أن يعمل بلا تخطيط فقد أساء فهم القدر.

يظن كثير من الناس ونتيجة هالات يتم إضفاؤها على تخطيط البشر أنه محكم أو أن المؤامرة محكمة ولا فكاك منها وهذا يسري على من هم في معسكر المتآمرين وهم من عنيتهم بقولي واهم أو مغرور أو من في معسكر المؤتمر بهم والمراد كيدهم بهذا المكر وهم من عنيتهم بقولي منهزم
وليست هذه طبيعة الدنيا ولا طبيعة البشر بل "فلله المكر جميعا"

{ وقد مكر الذين من قبلهم } من الأمم بأنبيائهم كما مكروا بك { فلله المكر جميعا } وليس مكرهم كمكره لأنه تعالى { يعلم ما تكسب كل نفس }
وذلك أن عوامل الأحداث تتغير وتتكاثر والغيب بيد الله عز وجل 



وقد يفهم من هذا أننا نترك التخطيط ونتمنى الأماني ونركن إلى الوعود العامة من الله بنصر المؤمنين أو النصوص التي تنص على أن مقادير العباد قد كتبها الله وهذا من العجز والتمني والقدح في القضاء والقدر ومن التواكل
وليس هذا دأب الرسول صلى الله عليه وسلم وتخطيطه ومراعاته كفة العوامل ولا فعل أصحابه رضي الله عنهم وهم أكمل الناس توكلا ومن قرأ السيرة عرف ذلك في كل أمر من أمورهم وفي كل معركة من معاركهم

وقال ابن حجر في الفتح: "المراد بالتوكل اعتقاد ما دلت عليه هذه الآية: وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها ـ وليس المراد به ترك التسبب والاعتماد على ما يأتي من المخلوقين، لأن ذلك قد يجر إلى ضد ما يراه من التوكل، وقد سئل أحمد عن رجل جلس في بيته، أو في المسجد وقال: لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي، فقال: هذا رجل جهل العلم، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي، وقال: لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ـ فذكر أنها تغدو وتروح في طلب الرزق، قال: وكان الصحابة يتجرون ويعملون في نخيلهم والقدوة بهم"

وقد قال الماوردي رحمه الله
الأمل ما كان متعلقا بالأسباب والتمني ما كان منفكا عنها
فالأمل والرجاء يكون مع الأخذ بالأسباب أما التمني بدون أسباب فهو وسيلة العاجز أو الذي لا يستطيع التفكير في الأمر وتكييفه واقتراح الحلول ووسائل النجاح والنصر

قال دوايت أيزنهاور

"في التحضير للمعركة وجدت دائما أن الخطط هي عديمة الفائدة، ولكن التخطيط أمر لا غنى عنه."
فكما سبق تخطيط الإنسان إما يميل إلى التفاؤل أو التشاؤم وتدخل عليه عوامل التحيز النفسي فربما يخطط بما يوافق ما يريده ويهمل العوامل التي لا يرغب بها

هذا من حيث الجزء الخاص بأنه وقت التنفيذ يتضح فشل الخطط أغلبها وظهور عوامل مؤثرة وتدابير الله سبحانه
وكما توضح مقولة هذا القائد العسكري فمرحلة التخطيط هي تلك المرحلة التي تحلل فيها العناصر وتدرس حجمها وتأثيرها والمخاطر المتوقعة والسيناريوهات التي يفترض أن تجهزها في حالة حدوث تلك المخاطر فبدون ذلك فلن تدرس أرض المعركة ولا الشخصيات المؤثرة ولا العوامل ولا الاحتمالات
فإذا قمت بذلك
فسوف يكون لديك رصيد من التحليل يقلل عنصر المفاجأة بل ويجنبك المسئولية الأخلاقية والمهنية حيث أنك بذلت ما تستطيع من التجهيز في ضوء المعطيات المتاحة
وأيضا على صعيد تجهيز الميزانيات أو ميزان القوى فإنك تقارب الواقع(أو ماسيصير واقع) من حيث تجهيز العتاد أو دراسة الجدوى وربما تجد أن المعركة فاشلة من الأساس.

وأول ذلك التخطيط تصور مشهد النجاح ومشهد النهاية السعيدة

ومن لا يستطيع أن يجلس ليتصور مشهد النهاية السعيدة كيف تتوقع منه أن يضع سيناريو الوصول لنهاية سعيدة؟
غاية ما يمكن أن يفعله أن يقتل الشعور بالذنب من فعل لا شيء

ليست هناك تعليقات: