الخميس، ديسمبر 29، 2016

سعي الحياة

أنت جئت إلى هذا العالم وجدت الناس يلهثون ويصبحون فينخرطون في نفس ما يفعلونه ونفس ما وجدوا من قبلهم يفعله فإما أن تستمر كذلك لتجد نفسك يوما ميتا في قبر مواجها أسئلة لم تستعد لها وإما أن تعي مهمتك وغايتك وتعمل لها يوما يوما ساعة ساعة
وأنفع ما تعده لنفسك وتبذل جهدك فيه هو أن تصل لفهم شامل للدين بروح أصيلة لا تستمد أصولها من واقع مفاهيم معاصرة فرضت وملأت الأفواه والآذان ونحاول جميعا ا، نكيف الإسلام عليها ولا بتلك الأفكار المسبقة التي أغلبها حق جزئي أو عموميات تحتاج لتفصيل مثل "الدين يسر" العمل عبادة" "بقى معقول الدين يقول كدة"
الاعتراض ليس على وجود عموميات ومفاهيم عامة بقدر ما هو على العلاقة بين تلك المفاهيم وتطبيقها الصحيح الذي قام به الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته.
هذا الفهم الشامل والرؤية هو ما سيجعلك تعيش بالإسلام وتتحرك بالإسلام بشكل تلقائي عفوي محبب للنفس صادر عن رغبتها وفهمها لا إملاءات أو محفوظات وفقط
لن تصل لهذا الفهم بقراءة كتاب واحد أو عشرات الكتب وفقط وإن كانت القراءة ركن كبير في الوصول ستصل أولا بالاستسلام لله واللجأ إليه والتفكر الدائم في مصيرك والاستعداد للتخلي عن أي شيء اعتدته بعد ما يتبين لك أن هذا ليس هو ما يريده الله ولا رضيه لنا دينا.
ستحتاج أن تقرأ القرآن وتكرره على فترات متقاربة وتديم النظر فيه لأن الآيات والسور تكمل بعضها ولأنك وتحت تأثير الأفكار النمطية التي امتلأ بها رأسك ستجد نفسك تفرح بآية تدعم فكرتك المسبقة المريحة لكن هذه الآية مع غيرها من الآيات تكمل صورة صحيحة تنفتح لك فجأة بإدامة النظر والتأمل
ستحتاج أن تقترب وترى عيانا طريقة تعامل وحياة النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته وصحابته ومن بعدهم بل وحياة الناس في تلك العصور الأقل ازدهارا ولكنها كانت أقرب للإسلام ولم تلوثها العولمة وتصبغها بصبغتها لا تشكل على هذا باختلاف المستوى الحضاري المادي لأن هذا ليس عنصرا في الصورة الشاملة بل في التفاصيل البسيطة للتطبيق

في اقترابك من ذلك العالم الذي عاش بالإسلام تحتاج نفسية التلميذ المقتبس لا نفسية المحاكم أو الناقد
انت فقير محتاج لن ينفعك لو تظاهرت بال"معلمية" وظللت تصفق لنفسك ثم دخلت القبر وسئلت ما دينك وما تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم  .. ثم لم تحسن جوابا لأن الإجابات في ذلك الحين ستنبع من قرار القلب وليس من الثقافة والمعلومات الجزئية وجدليات حداثية

وفي اقترابك من تلك الصورة ستخطيء وستفهم أشياء بشكل جزئي ثم تكتمل الصورة شيئا فشيئا وستخوض معارك جزئية ثم تكتشف أنها لا تقربك من الهدف وستفقد الشغف بكل مالا يقربك لهذا الهدف وستبتسم ساخرا من ذلك الإنسان الذي كنته

تسأل : إذا فعلت ذلك ووصلت (أعني اقتربت) سأنفصل عن الواقع المعاصر والإجابة :لا  تأكيدا لأن الإسلام الحقيقي موجه لكل زمان ومكان ولسعادتك حينئذ فستجد نفسك وستكون مدركا إلى أين أنت ذاهب ولماذا ومع من

المعيار المبدئي اللذي ستلمس  فيه مدى تقدمك واقترابك هو أخلاقك وقربها من قيم الاسلام وحساسيتك لما ينقضها ويضادها وكم من وقتك وفكرك يشغله سعيك للوصول

ولكنك لن تجد نقطة أو ساعة تقول ها قد وصلت لأنها مهمة العمر وعلى قدر ما ستفهم وينفتح لك طاقة الهم سترى أكثر ولكن المهم أن يستمر سعيك لذلك ولا تغفل وتدرك فقرك لذلك

ستصل لألا تحتاج شيخا آليا لفتاويك وأسئلتك إلا ما كبر ولا البحث في جوجل عما أشكل عليك لأن عموميات الشريعة اختلطت بفكرك وجوارحك وستعرف ما يرضي الله عز وجل وستنأى عما يغضبه وستبغضه
ستعرف الحق في الأحداث والفتن وستعرف من تحب ومن تبغض ومن تحبه وتبغض بعض أفعاله ستعرف لماذا خلقت وستدرك كثيرا من حكم الله في قضائه وقدره وستتعلم كيف تسلم له فيما لم تفهم وستدرك معنى العبودية
ستعرف متى أنت سائر إليه ومتى تنحرف لتسرع بالعودة
وما يتذكر إلا من ينيب

هناك تعليق واحد:

موجة يقول...

كلنا يخوض تجاربه في الحياة ويمضي في مشوارها الطويل
المهم ان نحقق ما نصبو إليه

خالص تحياتي