الفجر مرآة اليوم السابق

توفيقنا لصلاة الفجر هو انعكاس ومرآة وملخص لليوم السابق وحالتنا فيه مع ربنا من الطاعة أو الانضباط بأوامره ونواهيه
والحفاظ على قلبك ولسانك بل وفكرك طوال اليوم وحرصك على السنن وأدائها بصدق وإقبال وخفة نفس ونشاط.

هذا يظهر في توفيقك ولا شك وهذا مجرب وقد عبر عنه كثيرون عن أنفسهم وكل من عالج هذا الأمر يعلمه جيدا ومن تابع نفسه وعرف الأيام التي تضيع منه فيها صلاة الفجر وحاله فيها لوجد أن هذا سبب كبير

وسبب آخر أن يجهد الإنسان نفسه في اشياء فضلها قليل أو ليس لها فضل أصلا وليس شيء يتقرب به العبد إلى الله أفضل مما افترضه الله عليه والصلاة خير موضوع

ضياع صلاة الفجر من الإنسان سببه :
- إما تفريطه في طاعات أخرى أو فعل المحظورات العملية أو القلبية
- أو بتفريط مباشر فيها هي نفسها وهذا في حد ذاته من أكبر المعاصي وهو عدم الاهتمام بها والحرص والإقبال على أدائها في وقتها مع الجماعة (لأهل الجماعة)

يدخل في هذا التفريط الثاني الانشغال عنها بالسهر فيما يضر ولا ينفع أو فيما لا ينفع ولا يضر فهذا تفريط في حق نفسك وحقها

وإذا سهر الإنسان في شيء ظاهره طاعة كما أشرت (سابقا) فإنه قد يكون ملبسا عليه وإعطاء الأولوية إنما يجب أن يكون للفرائض كما هو نص الحديث القدسي
يعلم الجميع أيضا أن الانشغال بالأمور المفضول (لها فضل ولكنها أقل فضلا) عن الأفضل وهو ما يسمى أحيانا واجب الوقت فإن هذا من سوء إدارة الموارد التي أعطاك الله من الصحة والعمر

وأكثر ما يحرص عليه الإنسان هو نفسه فإن غاية الأعمال كلها حتى المتعدي النفع منها مثل الدعوة والبر والأعمال الخيرية والعلم وغيره فإن الغرض منها نجاة الإنسان ورفعة درجته

فماذا لو دخل الناس جميعا الجنة بسببك وهلكت أنت بسبب تفريطك في الواجبات
وماذا لو أتقنت عملا لم يطلبه الله منك على وجه الوجوب وفرطت في عمل أوجبه عليك

حينئذ يكون المآل إلى الحسرة

وهنا أحوال أربعة
عمل ظاهره طاعة*ويتبعه طاعة
عمل ظاهره طاعة * ولا يتبعه طاعة
عمل ليس بطاعة*ويتبعه طاعة
عمل ليس بطاعة*ولا يتبعه طاعة

والمراد بما ليس بطاعة أن يكون مباحا أو مكروها أومحرما وأشرف هذه الأحوال هو ماكان طاعة تبعته طاعة
وإذا كان ظاهره طاعة ولا يتبعه طاعة فيجب التدقيق فيه ومحاسبة النفس عليه جيدا ربما دخله شيء

وكثيرا ما يقال ويشاهد أن من علامات قبول الحسنة الحسنة بعدها

"والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"

إذن حياتنا هي ذلك التسلسل جهاد للنفس ثم توفيق من الله يتبعه توفيق لحسنة بعدها وهكذا
والله سبحانه وتعالى يتقرب ممن تقرب إليه بأكثر من تقرب العبد

وقرأت شواهد كثيرة لهذا الكلام من كلام السلف ولكنه للأسف (على حالنا) عن قيام الليل

إن الأخذ بهذه القاعدة ومراقبتها سيعطيك كثيرا من الرقابة الذاتية ويعينك أيضا على تدارك أمورك ومحاسبة نفسك في نهاية اليوم وهو نهاية المهلة التي تكون قبل النوم الذي هو شقيق الموت

ومعلوم أن الندم ومحاسبة النفس وعدم العزم على العودة توبة


كيف تحافظ على صلاة الفجر