أفلا يتدبرون القرآن

موضوع الآيات المتشابهات من المنشطات للتدبر أثناء القراءة إلى جانب مافيها من العلم والهدى
من الكتب الطيبة في الآيات المتشابهات في القرآن
كتاب للشيخ ابي ذر القلموني اسمه "عون الرحمن في حفظ القرآن" وهو متوسع وفيه جداول وملحق لقصة موسى وفرعون في مواضعها

وكتاب آخر جميل للشيخ عبد العزيز المسند اسمه "تنبيه الحفاظ للآيات المتشابهات الألفاظ "
وهو كتيب صغير ومدعم بالألوان إصدار دار الوطن
ويوجد كتب أخرى تعرض الموضوع من وجهة نظر التحفيظ البحتة
وحتى لو لم تكن من الحفاظ أو ترغب في الحفظ فإن هذا الباب فيه لذة لا تضاهى، لذة معرفة حكمة الله سبحانه وتعالى في تفصيل القرآن بألفاظ مختلفة يؤدي كل لفظ حكمة ومعنى مختلفا
وهذه هي الطريقة الثانية للعلماء في النظر في الآيات المتشابهات وهي النظر للمعاني
وفيها كتب كثيرة منها البرهان في توجيه متشابه القرآن للكرماني
وسآخذ من كتاب الكرماني مقتطفات لأفتح الشهية لهذا الباب العظيم

قول الله عز وجل :ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدي ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير" آية 120 سورة البقرة
وقوله عز وجل في شان تحويل القبلة :"ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين" آية 145 سورة البقرة

الآية الأولى عائدة على الدين والعقيدة فجاءت الذي لائقة أكثر من ما لأن الذي ابلغ في التعريف أما الثانية فعائدة على جزء من العلم وهو القبلة أو عائدة على توقيت تحويل القبلة يعني من بعد ما حولت
فهكذا -أعتقد- تحفظ الآيتين ولا تخطيء في أي منهما مع ما في ذلك من التركيز اثناء القراءة

وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا " في سورة البقرة وبعدها وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت يعني البيت لم يكن بني بعد
وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذاالبلد آمنا " في سورة إبراهيم وبعدها بآية ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم يعني البيت كان بني فناسب التعريف في الثانية

قوله عز وجل في آية الوصية "فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم"
وفي الآية التي بعدها "فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم" ونهايات الآيات مما يخطيء فيها الإنسان كثيرا فإذا فهم العلاقة لا يخطيء


قوله عز وجل في سورة البقرة "ويكون الدين لله" وفي سورة الأنفال "ويكون الدين كله لله" لأن القتال المأمور به في البقرة مع أهل مكة وفي الأنفال مع الناس جميعا والملل جميعا.

في كل القرآن "فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء" وفي حد السارق في المائدة "يعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء" لأن عذاب السارق في الدنيا قبل الآخرة.

مثلا في سورة القصص "وجاء رجل من أقصا المدينة يسعى" وفي سورة يس "وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى" في سورة القصص كان التركيز على الرجل حيث أنه رجل واحد في قوم مشركين وفي سورة يس كان التركيز على سعيه والمسافة التي قطعها لما روي أنه كان مريضا ويتعبد في جبل فكان التركيز على مشقته في سعيه

في سورة يونس "ومنهم من يستمعون إليك" "ومنهم من ينظر إليك" لأن المستمعين من يبلغهم الكلام أكثر من الناظر الحاضر للنبي صلى الله عليه وسلم فكان التعبير ب يستمعون جمعا وينظر للتقليل

في سورة النمل قوله عزوجل" فلما جاءها نودي " أما في سورة القصص وفي سورة طه "فلما أتاها" ذلك أنه في سورة النمل قبلها ""سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب قبس" فاستثقل الجمع بين هاتين و"فلما أتاها" فعدل إلى فلما جاءها وهي بنفس المعنى

في سورة النمل "وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون" وفي سورة فصلت "ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون" الأفعال التي تلي ذلك في سورة النمل في آيات اخرى موافقة لذلك "فأنجيناه وأهله" و"أنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة" أما في فصلت "وزينا السماء الدنيا" وقوله :"قيضنا لهم قرناء فزينوا لهم" فالأفعال كلها بوزن فعلنا في فصلت"

قوله عزوجل في سورة الأنعام "نحن نرزقكم وإياهم" مع قوله عز وجل "ولا تقتلوا اولادكم من إملاق"
وفي سورة الإسراء "نحن نرزقهم وإياكم" مع قوله عز وجل "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق"
في الآية الأولى نهى عن القتل لفقر موجود "من" يعني "من تأثير" أو "بسبب" فطمأنهم على رزقهم أولا
وفي الآية الثانية نهى عن قتل الأولاد خشية الفقر المستقبلي فطمأنهم على رزق أولادهم أولا

وكتمرين لك يمكنكم الرجوع إلى سورة يوسف ومتابعة قول الله عزوجل فلما وقوله عز وجل ولما
آخذا هذه القاعدة وهي أن الفاء للتعقيب يعني السرعة في التتالي أما الواو فهي للتراخي يعني وجود فاصل زمني كبير وافهم من خلال هذه القاعدة كيف أن هذا الحرف يحمل الكثير من المعاني في القصة

وهناك وسائل أخرى مكانية وربط علاقات الأحرف بأسماء السور والترتيب ولكن كان مقصدي فقط التنبيه على فائدة التدبر في الوصول إلى الحفظ والانتفاع بكتاب الله وربما ينبه ذلك إلى أهمية معرفة اللغة العربية وحبها في حفظ هذا الكتاب الخاتم نسأل لله أن يعلمنا منه ما جهلنا وأن يذكرنا منه ما أنسينا ويرفعنا به يوم القيامة

وهذا الحديث لا يمل ولكن خشية -كما أقول دائما- أن المقال إذا طال لم يقرأ