قال عني أخي د/خالد
عدو الأطباء وطبيب الأعداء وهي مزحة أعتز بها ولعل ذلك ظهر من التدوينتين السابقتين ولكن الحقيقة هي أنني أحب الإتقان وأحب الذين يتقنون أعمالهم وكلنا كذلك
تختلف المساحة التي نعطيها للإتقان
عندما يتكلم الناس عن الإتقان يتكلمون أيضا عن محبة العمل أو مهنتك وأيضا يتكلمون عن مناسبة العمل الذي تعمله لك.
وهذا الكلام من وجهة نظري تسطيح للمشكلة لأن هذا الحب مثل حب الزوج والزوجة يحتاج إلى تجديد ويحتاج أيضا إلى استحضار ويحتاج إلى إذكاء دائم
وأعتقد في رأيي المتواضع أن هذا المذكي هو حب الإتقان في العمل وهو يعوض حسب بعض المختصين في التنمية البشرية أيضا يعوض حتى عدم حب العمل يعني ممكن تعمل عمل لا تحبه وتتميز فيه لأنك تحب الإتقان في أداء أي شيء عامة.
قد يقول قائل إن حب الإتقان نفسه قد يفتر وتدور الدائرة ويحتاج إلى إذكاء أقول لا لأن حب الإتقان يمكن تحويله إلى معايير قياسية وإجراءات محددة مع الوقت تؤديها بتلقائية.
نعم هو حب قلبي وحسب منظورنا الديني يجب أن يصاحبه احتساب للأجر ولكن مع تحويله إلى إجراءات ومعايير يتجنب آفة الفتور.
ويوجد معيار أساسي في حب الإتقان (أو ما يسمى بالجودة) وهو : العمل من أول مرة
أي أداء العمل صحيحا من أول مرة وعدم تطلب الإعادة والتصحيح وترك الثغرات حتى ولو كان ذلك الأداء هو أبطأ في الوقت وربما أعلى كلفة ولكن تخيل وقت وجهد تكلفة الإعادة بل وإعادة الإعادة وإعادة إعادة الإعادة
حب الإتقان من الدين
الحديث الصحيح "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" يشمل كافة الأعمال الدنيوية والأخروية
وغني عن البيان أن كل عمل يمكن أن يتحول إلى طاعة باحتساب الأجر عند الله
استحضر أيضا حديث المسيء صلاته الذي قال له النبي صلى الله عليه وسلم "ارجع فصل فإنك لم تصل" أعاد الصلاة ثلاث مرات ولم تحسب له ولم يسم مصليا
ويوجد عدة وسائل للإتقان كما قلت وأهمها أن يتحول هذا إلى إجراءات ومعايير وهذا علم موجود ويمكن دراسته وله معايير تختلف حسب المجال
ولكن وسائله هي :
- الاحتساب
- العلم قبل العمل
-الدقة في العمل والحرص على إنجازه من أول مرة كاملا
-تحمل المسؤولية والتبعة ومعرفة حجمها
مرة في بداية حياتي العملية قرأت مقالة عنوانها
The WOW Effect
كان الكاتب يتحدث عن العمل بمعيار أن تترك عند جمهورك (يعني متلقي خدمتك أو مهنتك أو مريضك أو ...)
أن تترك عندهم تأثير واو يعني ينطقون بهذه الكلمة وهي في الانجليزية كلمة تعجب وانبهار طبعا من إتقان العمل وليس من نظام الخبط والرزع الذي تستخدمه
كانت هذه المقالة محرك لي في حياتي المهنية وشكرا لكاتبها الذي لا أعرفه
موضوع تحمل المسئولية والتبعة بالنسبة لي شخصيا من أهم حوافز الإتقان أنا مثلا أقود السيارة باتقان وألتزم بقواعد المرور بشكل صارم وأعطي قمة تركيزي أثناء القيادة ولم أنم بفضل الله مرة واحدة أثناء القيادة لمعرفتي بخطورة هذه الآلة وحرمة الأنفس أقصد أنه ممكن أن يتعدى هذا الأمر إلى كل مناحي الحياة
أيضا إذا كنت أرى أنني لن أقوم بعمل ما على وجه الإتقان فأرى أنه الأفضل عدم أدائه
مثلا كنت وكطبيعة عملي رجل سوفتجي يعني برمجي وكنت لا أتقن استخدام الأدوات أو الصيانة وإذا اضطررت لذلك يكون الفساد من نصيب ما أمد يدي إليه وذلك نتيجة التسرع وعدم الدقة فظللت فترة أتجنب ذلك حتى طورت بعض الإجراءات التي تمكنني من فعل ذلك مثل قراءة التعليمات بقدر الإمكان ووضع القطع التي أفكها بترتيب عكسي والنظر للشيء من كل جهاته قبل فكه وعدم استخدام أدوات غير مناسبة والتريث والتوقف بعد كل مرحلة ومشي الحال .
بغض النظر عن الكلام عن النفس فهو من قبيل ضرب الأمثلة فالعالم من حولنا وضع لكل شيء معايير والهدف من تلك المعايير هو الجودة أو الإتقان جميل أن نستفيد من مجهودات الأخرين خاصة في موضوع المعايير القياسية.
نرجع لموضوع الأطباء وهو موضوع كبير المشكلة أن هؤلاء لا يقبل منهم عدم الإتقان أبدا لأنهم يعملون في منطقة الأرواح ومعلوم لديكم حرمة النفس وأجزائها وبالمناسبة عدم الإتقان بالنسبة لهم يسمى إهمالا أو تفريطا يعني إذا كان يقبل من الدهان أو المكوجي عدم الإتقان فالموضوع هو في النهاية متعلق بالشكل والكماليات أما الأطباء فإنهم يتعاملون مع الأرواح وأجزائها
"إيه موضوع أجزائها"
قتل النفس يا أفاضل في الشرع له دية أو القصاص وأعضاء الجسم لها قصاص بنسبتها من الدية فالأشياء التي ليس منها غير واحدة فيها دية كاملة مثل الأنف مثلا والعين فيها نصف دية وهكذا أوالقصاص
والرسول عليه الصلاة والسلام يقول "من تطبب ولم يعلم منه طب فهو ضامن" ورأيي الشخصي أنه باتساع موضوع الطب وتخصصاته وفروعه فالطبيب الذي يعمل في مجال غير تخصصه أو يفتي فيما لا يعلم طبيا فهو ضامن وحتى لو لم يقع عليه حكم الضمان قضاء "حيروح من ربنا فين"
ملحوظة إضافية فقط وأنا أخشى أن يطول الموضوع بالنسبة للمهن التي من طبيعتها التعامل مع الناس فتتطلب قدرا زائدا من صفات الإتقان وهي أخلاق المعاملة ومراعاة ظروف الناس ومراعاة الفروق بينهم الضعيف والفقير والغني والعجوز والطفل والمتألم والمعاق بل وربما أقول والغبي والذكي بل وأقول واحترام ذكاء الذكي مثل احترام غباء الغبي تماما ومعاملة كل منهما على قدر عقله
أيضا من مضادات الإتقان عدم الابتكار إن إلغاء عنصر الابتكار الدائم والتطوير وتحول الأمر إلى آلية يومية يقتل روح الإتقان في كثير من الأحوال.
هناك 6 تعليقات:
جزاك الله خيرا يا استاذنا
موضوع طيب
وجزاك الله خيرا-مرة اخرى
أحسنت بارك الله فيك
وصدقت في ان طبيعة عمل الاطباء هي التعامل مع شئ..ربما يستحيل اصلاحه بعد ذلك...
أو كلما حاولت اصلاحه...تلف منك المزيد منه
قلت لنفسي اليوم وانا في المواصلات
ان ما تعلمناه في الطب عندما نأخذ تاريخا مرضيا من مريض
فاننا نأخذه على الطريقة الغربية
وهي طريقة-بنظري-..تتعامل مع الانسان
كمادة
منفصلة عن كونه روحا واحساسا ومشاعر
فمثلا الطبيب يسال المريض اسالة محددة
ما اسمك وما سنك وكافة البيانات الشخصية
ثم يساله عن شكواه ثم عن التاريخ الحالي للمرض ثم عن التاريخ الماشي لامراض اخرى ثم عن الحالة الصحية في العائلة..وهكذا
كل هذا ولا يكلف الطبيب نفسه ان يسأل مريضه عن الحالة الايمانية
عن حاله مع ربه ومولاه
عن حاله مع طبيبه -سبحانه وتعالى- ووصف الله -عزوجل- بالطبي لا اظنه حرارما لان ابا بكر الصديق -رضي الله عنه- قال هكذا حينما كان على فراش الموت
قلت ولماذا ايضا لا يكتب الاطباء المسلمون على روشتتهم في ترتيب العلاج
1-المحافظة على الصلوات واجتناب المحرمات
2-المحافظة على اذكار الصباح والمساء
3-الرقية الشرعية
4- الادوية الكيماوية او العملية الجراحية حسب الحالة
قلت: اسال الله -عزوجل- ان يعينني على اتمام ذلك في حياتي ..
وأسألكم الدعاء لي
جزاك الله خيرا يا استاذنا
وكلمتي هذه (عدو الاطباء ... وطبيب الاعداء)
ما قصدت بها الا المزاح..وان كانت خرجت بطريقى غير صحيحة الا وهي (طبيب الاعداء)
والله المستعان
و ك ل ط ي ب ا و ا ه ض م ج ي د اً
صحيح..
مبروك على تجديد المدونة
زمان مكنتشي حلة :)
موضوع مهم فعلا وأحب أن أضيف أن الاتقان مهارة "مكتسبة" بمعني أنه لابد من أن تدرب نفسك علي الاتقان كأن تراجع المجهود الذي استغرقته في عمل ما وان تقيم دائما ما انجزته ومرة تلو الاخري تتحاشي العثرات التي تؤدي بك لعمل غير متقن وتطور من طريقة أدائك لمهامك وشيئا فشيئا تعلو نسبة اتقانك.
ومبارك بدلة العصفور الجديدة الان أصبح عصفور كناريا ملون :)
جزاك الله خيرا
لى تعليق بسيط هو تعميم الفائدة يعنى ضرب المثل لا تقصرة عن شىء بعينة ولا يتعدى الى اشياء اخر بحياتك دنياك واخرتك بيتك واهلك
الشطارة هى تعميم العظة ووضع العظة فى مواضعها المتشابهة وليس فى مناسبة العظة بعينها
ان الحياه اذا اخذت اطار معين دون تجديد اصيبت بالعطب او العبط يعنى مثلا لا تضحك على نفسك وتقوم بعمل نفس الاشياء بس فى اوقات مختلفة وتقول انك بتجدد روح الابتكار مطلوبة ولو كان بسيط حتى ولو كان شوية ملح تضيفه على الاكل مش تقول تجديد ومتعملش اكل اصلا واهو كله تجديد
ساكتب شىء عن الوقت والتوقيت
مرتبط بموضوع الاتقان طبعا
انت عارف انا لى وجهة نظر فى الطبيب ومش عارف ان كان صح ولا لاء معظم الاطباء بتعمل لك تحريات قبل ما تكشف عليك وكان كل هذا التقدم والاجهزة لا يسعفهم فى تقديم الدواء يعنى انا اعرف ناس لا تعرف تحدد ما يشعرون به واخرين يجابهوا المرض ويثبتون لمن حولهم بقوتهم وانه ليس بهم شىء وانهم يعتصرون ألما فالطبيب مهمتة اكتشاف المعطيات وليس استنتاج نوع العلة من المعطيات التى يستقيها من المريض
اعتقد أن الإتقان ينبع من الصفات الشخصية للإنسان نفسه فنجد أن هذا الإنسان اعتاد على حب الإلتزام والإحساس بالمسئولية تجاه تصرفاته.
وقد اعتدنا أن الإتقان يوجد دائما في العمل ولكن جميل أن يأخذ صور عديده مثل إتقان التعامل مع الناس فغالبا ما كنت أتصور أن المعاملات الإنسانية نابعة من إطار حدود الدين والشخصية.
هذا في حد ذاته ابتكار!
إرسال تعليق