الثلاثاء، يناير 09، 2007

التفكير ثوابت ومتغيرات

قضية التفكير في الدين ترجع إلى قضية هامة جدا وهي قضية الثابت والمتغير في الدين.

طبعا هناك أشياء في أي نظرية أو ايديولوجية خاضعة للتغير.

الدين يحتوي على ثوابت ومتغيرات والثابت معروف وإذا لم يكن معروفا فمن المفيد البحث فيه لمعرفة حدوده.

المشاكل تنشأ إذا طغت منطقة المتغير على منطقة الثوابت أو العكس يعني غيرنا طبيعة بعض الأجزاء من طبيعتها المتغيرة إلى طبيعة الثوابت أو العكس أي حولنا الثوابت إلى متغيرات وخاضعة للتفكير والمناقشة والتغير والاجتهاد الشخصي تنشأ مشاكل

وإذا نظرنا إلى المتغيرات على أنها ثوابت وجوامد تنشأ مشاكل الجمود وتغييب العقل وإلغاء التفكير والاجتهاد المطلوب شرعا.

الثوابت وصلنا إليها عن طريق التفكير تفكرنا وتدبرنا واقتنعنا أنها ثوابت.

المساحات المخصصة للثوابت والمتغير لا شك انها تتغير بين بعض مناهج التفكير وبعضها الآخر ولكن مبدأ التغير والثبات لا يستطيع أحد إنكاره.

أعني أن مبدأ وجود ثوابت لا يستطيع أحد إنكاره حتى لو كانت هذه الثوابت هي أسس للتفكير فقط وهذا المبدأ مطلوب ومتفق عليه وانطلاق الأفكار من ثوابت وأيديولوجيات هو مايكفل التطور الحضاري وبناء الحضارات على ما سبق من إنجازات الحضارات الأخرى أو ماسبق من إنجازات نفس الحضارة.

إذا قلنا لا يوجد شيء اسمه ثابت : ممكن نوافق لكن الواقع يكذب هذه الدعوى وإذا قلنا إن هذا الثابت هو مثلا الحرية أو الديموقراطية أو إن هذا الثابت هو عدم وجود ثابت لا يوجد مشكلة .

ولكن عندي دليل أو يقين أن الثوابت التي ثبتها أفضل من الثوابت التي ثبتها غيري وغيري عنده دليل على أن ثوابته أفضل من ثوابتي أو المرجعية التي ثبت أشياء على أساسها أفضل من مرجعيتي هذا لا ينفي وجود اتفاق بيننا على وجود ثوابت.

الثابت الذي ثبته أنا أزعم أنني أعلم يقينا انه أفضل لأني أزعم أن الذي ثبته لي وألزمني بكونه ثابتا وليس متغيرا هو الله سبحانه الباقي الدائم الحي الذي لا يموت والجن والأنس يموتون الحكيم العليم (حكيم وعليم) وقادر سبحانه وأرشدني أن أعتبر بالثوابت الموجودة فيما مضى.

مبدأ وجود الصراع مبدأ قديم وليس حديث فوجود صراع بين البشر أيا كان سبب الصراع مبدا موجود. خطط واستراتيجيات وأساليب معالجة هذا الصراع ومحاولة الانتصار في هذا الصراع أو ذاك أو حتى محاولة التعايش تحت ظل الصراع أعتقد انها تشبه الثوابت هي طبعا ليست ثوابت ولكنها تشبه الثوابت

الطبيعة البشرية أو الأخلاق البشرية تنضم تحت مجموعة من الأخلاق يمكن ثابتة في المسميات حتى لو تغيرت في مظاهرها مثلا لا ننكر وجود صفة المكر في الإنسان أو صفة المداراة أو التعايش مع العدو أو صفة البطش على اختلاف وسائلها أو صفة التسلط ولا ننكر وجود صفة الكبر والانتصار للرأي وإن كان خاطئا صفة الجشع صفة الطمع الرغبة الرهبة وأعتقد لو سردنا أمثلة على هذه الصفات البشرية سنجد أنها عناصر الصراع والتعامل مع هذه العناصر أعتقد أننا لدينا أمثلة أو أدلة شرعية لكيفية التعامل معها.

أيضا يتميز هذا الطرح بأن مصدر هذه الثوابت أو المعلومات هو مصدر رباني يخبرك الله سبحانه بالوحيين عن أشياء مغيبة إذا آمنت بها فتستفيد كثيرا وستؤمن حينئذ أنها حقيقة وأنها ستصادف الواقع وإذا كنت لا تؤمن بها فسوف تعرض عنها من الأساس وتتركها جانبا وبالتالي تبحث عن وسائل أخرى للمعرفة قد تصل وقد لا تصل إلى عين الحقيقة ولا أنكر أن الواقع يثبت أن بعض الغربيين يصلون إلى بعض المباديء التي نراها يقينا ثوابت.

أيضا تتميز الثوابت التي نؤمن بها أننا نحبها وهي ميزة لا يستهان بها

وصلنا إليه عن طريق التفكير وأحببناه وهذا الحب عنصر يجعلنا نتشبث به ونعتقد بثباته وأنه لا يتغير وأنه سبيل للوصول إلى الحق المطلق طبعا وجود الحق المطلق هذا من الأشياء التي قد نتفق أو نختلف عليها ولكن نؤمن بوجود الحقيقة المطلقة ووجود الحل الشامل لجميع المشكلات علمه من علمه وجهله من جهله.

لا أنكر أنه يحدث أن يقوم البعض بتغليب مساحة الثابت على مساحة المتغير وكما قلت يسبب الكثير من المشكلات الفكرية ومن ضمن أعراض هذه المشكلات وجود بعض الناس يأخذون رد فعل مضاد بتعميم الأحكام وإنكار مبدأ وجود ثوابت من أساسه أو أوصلهم ذلك إلى اتخاذ موقف أن الدين يمنع من التفكير

ولا تغل في شيء من الأمر واقتصد .. كلا طرفي قصد الأمور ذميم

أقول وإتماما للفكرة أن الثوابت ليس منها الأحاديث الضعيفة وليس منها فتاوى واجتهادات الفقهاء التي تختلف باختلاف الأحوال والأزمنة وليس منها الفهم الخاص للنصوص فيما سوى فهم القرون التي شهد لها النبي صلى الله عليه وسلم بالخيرية

هناك تعليقان (2):

الباحث عن الحقيقة يقول...

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الثوابت بشكل عام هى مجموعه من الافكار او المبادئ التى اجمع الناس عليها ضمنا او صراحة وهى موجوده ومشتركة بيننا وتكاد تكون امور فطريه مثل قيم الحق والصدق والعدل والخير

والثوابت فى الدين هى اموره التى ثبتت بشكل قطعى من نصوص متواتره بحيث اصبحت معلوم من الدين بالضروره

والثوابت فى الاجتهاد هو كما قيل : رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب


ان الثوابت هى ذاك القدر المشترك بينى وبينك والذى ان اختلفنا كان هو القاعده التى نرجع اليها ونحتكم عندها

ويفترض بهذه الثوابت إلا تتغير بزياده او نقصان ..لان كل ما هو قابل للزيادة والنقصان كان محل اختلاف وبالتالى لا يصح اعتباره ثوابتا

فلا يجوز مثلا ان يعتبر فكرا معينا ان اللحية او النقاب من الثوابت لانها امور اختلف فى وجوبها

فيفترض اذن بالثوابت انها بعيده عن الشك بعيده عن منهج البحث لاننه ارتضيناه سلفا وآمنا بها
فالثوابت اما ان تؤمن بها او تكفر بها وتنكرها
اما الزيادة والنقصان فيها ...فكل ما زاد عن القدر المشترك بيننا هو محل خلاف اذن فهو ليس ثوابت

تقبل تحياتى

mohand يقول...

السلام عليكم

استاذ عصفور

موضوعك اعم واشمل من موضوعي
يمكن انا جايب فكرة مبسطة عشان اوصل لفهم لتقكير الناس هل متفقين معايا ولا لاء

عشان هبني علي الموضوع ده الموضوع الذي يتبعه

تحياتي لك استاذ

رغم اني زعلان منك

السلام عليكم