الأربعاء، ديسمبر 06، 2006

الاستثمار في الأسهم

كتبها أحد الزملاء الأفاضل ومتسامح في نشرها
=======================

بسم الله الرحمن الرحيم

الاستثمار في أسهم الشركات

يواجه الكثير من الأفراد مشكلة كبيرة في استثمار مدخراتهم ، وخصوصا العاملون في الخارج ، حيث أن طول فترة انقطاعهم عن أوطانهم ، قد زادتهم غربة عن واقع الاستثمار في مصر ، وتكررت قصص فشل الكثيرين من العائدين من الخارج بعد عودتهم نتيجة اندفاعهم في استثمار أموالهم في مشاريع غير متوفر لها مقومات النجاح ، ومن أسباب فشلهم الرئيسية هي:

- عدم معرفتهم لواقع الاستثمار في مصر ، وطبيعة المعاملات وكيفيتها ، وهي نقطة أساسية جدا وخطيرة، فلا يكفي توفر الخبرة الفنية وأهل الثقة فقط لنجاح المشروع

- الخوض في مشاريع بدون سابق خبرة ، جريا وراء وهم الربح السريع ، وأقوال الناس ، دون الأخذ في الاعتبار الاستعانة بأهل الخبرة ، ويزداد الطين بلة ، عندما يضع صاحب المال نفسه على رأس الهرم الإداري ، مع أن الخبرة تكتسب بالممارسة والتدرج الطبيعي ، دون استهانة بطبيعة الأعمال نفسها ، أو الظن بإمكانية إدارتها واستيعابها في وقت يسير، ويجب على من يريد أن يقيم مشروعا أن يعمل أولا أجيرا ، أو ملاصقا لمن سبق له الخوض في مثل هذه المشاريع ، ويتتلمذ على يده لفترة طويلة ، قبل أن ينفرد بالأمر ويجعل من نفسه رئيسا لمشروعه ، فكل مشروع له الكثير من الخبايا الغير ظاهرة للآخرين ، ولا تتضح إلا من خلال ممارسة مكثفة تحت إمرة متخصصين.

- الاندفاع في المشاريع الانتاجية ، كالمصانع والإنشاءات ، دون التفكير في كيفية تسويق الانتاج ، وهو العامل الرئيسي لنجاح المشروع ، والمستثمر الناجح ينفق على التسويق والدعاية أكثر مما ينفق على العملية الانتاجية نفسها.

- الاعتماد على أهل الثقة فقط ، دون أهل الخبرة والثقة ، يحكم على المشروع بالفشل السريع

- عدم الوضوح في اتفاقات الشراكة ، وظهور الطمع بين الشركاء ، الذي يجعل صيغ الاتفاق بينهم مائعة ، يستطيع كل طرف ان يؤلها لصالحه حال الاختلاف والنزاع ، والنصيحة الأزلية هي البعد عن المشاركة.

- ضعف العلاقات العامة ، وهي أساس الأعمال التجارية والصناعية والخدمية

- انعدام الخبرة في المعاملات المادية وطبيعتها في المجتمع المصري ، والثقة الغير حذرة أو التخوف الشديد يعيقان حركة التعامل ، مع شيوع النصابين والمحتالين المتربصين بكل شخص جديد يدخل سوق الأعمال.

- عدم الخبرة بأنظمة العمل والضرائب والكثير من الجهات التي سوف تتعامل معها من خلال نشاطك.

- عقلية الموظف المتخوف، وغياب عقلية التاجر الجريء، نتيجة اشتغال معظم العاملين في الخارج أو أصحاب المدخرات في أعمال وظيفية فنية.


نصائح غالية

- ثروتك الحقيقية تكمن في خبراتك الفنية التي اكتسبتها طوال سنوات عملك ، فاحرص على عدم ترك مجال عملك وتخصصك ، فهذا هو استثمارك الحقيقي.

- مارس تخصصك أولا من خلال شركات أخرى ، كموظف، قبل أن تشرع في إنشاء شركتك الخاصة.

- لا تصدق كل الناس ، ولا تكذبهم ، فهم على استعداد تام للمخاطرة بجميع مدخراتك دون تردد ، وبطمع

- حاول أن تحيي علاقاتك القديمة التي انقطعت بمغادرتك مصر ، وصل أصدقائك وأرحامك وزملاء العمل والدراسة السابقين في فترات أجازتك ، وتذكر الناس في الرخاء يذكروك في الأوقات الأخرى عند الحاجة ، والمنفعة المتبادلة أساس التعاملات حاليا في مصر.

- ما خاب من استشار ، ولا تتعجل ، واعطي الأمور حقها من الدراسة من جميع الجوانب

مجالات الاستثمار

- المشاريع الخدمية (عيادة ، مكتب هندسي ، مكتب محاسبي ، مقاولات ، سمسرة ، مطعم ، نجارة ،.. غيرها) تعتبر من أفضل المشاريع ، لضعف راس المال المطلوب نسبيا - تأجير شقة بالنظام الجديد لممارسة المهنة- ولاستغلالها لخبراتك الفنية ثروتك الحقيقية ، ولكن تذكر أيضا مشكلة تسويق خدماتك

- المشاريع الانتاجية (زراعية ، صناعية) مشاريع ذات مخاطرة كبيرة ، للأسباب السابق ذكرها

- المشاريع التجارية : محلات ملابس ، تجارة أغذية ، … وغيرها تعاني من الركود الاقتصادي ، ومن شيوع البيع بالتقسيط الذي يجعل رأس مالك في خطر شديد ، كما يعرضك لمنافسة شديدة ، وخطر النصابين ، ويتطلب رأس مال كبير نسبيا للحصول على المحل المناسب لممارسة التجارة.

- الاستثمار العقاري: ويعني شراء الأراضي والمساكن وبنائها، والاحتفاظ بها بغرض الاتجار ، ويشهد السوق العقاري حاليا تراجعا كبيرا وكسادا ، وانخفاضا في الاسعار ، مع شيوع نظام الايجار الجديد ، وصعوبة تسييل العقارات ، علاوة على عدم امكانية الاعتماد عليها كمصدر مالي منتظم يزود صاحبها بحاجاته المعيشية اليومية من الأموال لنفقته و لإدارة منزله.

- الاستثمار في الاسهم ، وهو ما سوف نفصله في مبحثنا هذا


الاستثمار في الأسهم

نشأة الشركات المساهمة في مصر:

نتيجة التحول من النظام الاشتراكي ، الذي ينفرد بملكية جميع أدوات الانتاج ، إلى النظام الرأسمالي الذي جعل أدوات الانتاج والمصانع في يد أفراد ، دفع ذلك الحكومة المصرية إلى السير في برامج الخصصة ، ويعني ذلك إعادة بيع المصانع التي تمتلكها الدولة ، إلى الأفراد ، وقد تم ذلك عن طريق بيعها إلى مستثمر رئيسي ، وعن طريق تحويل هذه الشركات والمصانع إلى شركات مساهمة ، تم طرحها من خلال الاكتتاب لعامة الأفراد في صورة أسهم ، والسهم يمثل حصة ثابتة من قيمة المصنع نفسه بجميع أصوله ، هذا بالنسبة للشركات المملوكة للدولة التي تم تخصيصها ، وبالإضافة لتلك الشركات تم تأسيس شركات أخرى مساهمة كثيرة جدا ، أيضا قام المؤسسون الرئيسيون لها بالاكتتاب بنسبة كبيرة من أسهمها ، وطرحوا باقي الأسهم للاكتتاب العام.

وفي ظل العولمة ، والشركات المتعددة الجنسيات ، وعصر الأسواق المفتوحة واتفاقية الجات ،أصبح المجال حكرا على الشركات الكبيرة فقط ، ذات رؤوس الأموال الضخمة ، التي تستطيع ان تنتج كميات هائلة بجودة عالية وسعر منخفض باستخدام التقنيات الحديثة ، والتي يتوفر لها مراكز أبحاث ودعم فني وتسويق تضمن استمرارية المنتج وانتشاره في جميع أنحاء العالم ، مما عظم من قيمة وفعالية الشركات المساهمة التي تستطيع أن تجمع الكثير من رأس المال عن طريق الأسهم ، وتقلص جدا دور الكيانات الصغيرة ، ولقد وجدنا مؤخرا الكثير من المصانع الصغيرة أغلق أبوابه لعدم قدرته على المنافسة.

كيفية إدارة الشركات المساهمة:

يقوم المساهمون بتعيين مجلس إدارة للشركة المساهمة ، التي تتولى إدارة الشركة نيابة عن المساهمين ، وتلتزم بعرض وإعلان ميزانيات كاملة تشمل الأرباح والخسائر كل ثلاثة أشهر ، تحقيقا لمبدأ الشفافية ، وتقوم الحكومة عن طريق هيئة مراقبة سوق المال ، بمراقبة التزام هذه الشركات بآلية الافصاح والصدق فيما تعلنه من مؤشرات الآداء ، ويتم عقد جمعية سنوية للمساهمين (حاملي الأسهم) لمناقشة آداء الشركة ومحاسبة الإدارة وإقرار الميزانية ، والإدارة في هذه الشركات تكون لحاملي أكبر نسبة من الأسهم بطبيعة الحال ، ولا يلغي ذلك حق أي مساهم في متابعة ومحاسبة ومراقبة مجلس الإدارة.

وتخضع الشركات المساهمة لمراقبة الدولة ماليا ، ويتم مراجعة ميزانياتها بواسطة محاسبون قانونيون معتمدون.

مشروعية الشركات المساهمة : الشركات المساهمة مثلها مثل أي نشاط مباحة شرعا إذا توفر فيها شرطان:

الشرط الأول أن تكون طبيعة نشاطها شرعية، أي لا تتعامل في محرم ، من خمور أو دعارة أو ربا ، والشرط الثاني أن تمارس نشاطها بأساليب شرعية بعيدة عن الاحتيال والمقامرة والغش والخداع والنصب والربا – انظر البحث التفصيلي المرفق

مشروعية التعامل بالاسهم : التعامل بالبيع والشراء في أسهم الشركات المشروعة كما بينا سابقا مباح ، وفق أسس التعامل الإسلامي – انظر البحث التفصيلي المرفق

قيمة الأسهم: للأسهم أربعة قيم هي :

القيمة الإسمية: وهي قيمة السهم لحظة إصداره

قيمة إصدار السهم : تعمد بعض الشركات إلى إصدار أسهمها بقيمة أقل من القيمة الإسمية للسهم ، على أساس أن يتم استكمال باقي قيمة السهم مستقبليا ، عند حاجة الشركة للتمويل المالي.

القيمة الدفترية: وهي تمثل القيمة الحقيقية للسهم محسوبة وفق التغيرات التي طرأت على أصول الشركة وأعمالها بعد فترة من التشغيل ، وهي التي يحصل عليها حامل السهم في حال تصفية الشركة.

القيمة السوقية: هو سعر السهم المتداول حاليا في الأسواق ، والذي يعكس حركة العرض والطلب على السهم.

العوامل التي تؤثر وتتحكم في السعر السوقي للسهم (قيمة التداول في البورصة):

- آداء الشركة ومدى نجاحها ، التي تعكسه الميزانيات والتقارير الاقتصادية عنها ،والمفترض أن يكون هذا هو العامل الرئيسي والأساسي في تحديد سعلر السهم السوقي.

- المضاربات والاشاعات التي يقوم بها البعض لرفع أو خفض قيمة السهم بصورة غير حقيقية، والتي ينخدع بها البسطاء ويسيرون في ركبها ، استغلالا للجو الزائف بارتفاع قيمة الأسهم السوقية ، فيسعون للشراء ، أو تدني الأسعار فيعملون على البيع .

- الأحوال السياسية المحلية : التأثير الكبير للقرارات السياسية الاقتصادية المحلية في الأسواق الداخلية ، وفي سوق الاستثمار المحلي ، مثل قوانين جديدة للاستثمار والضرائب والرسوم الجمركية ، أو حظر استيراد ، أو اتفاقيات تبرم مع دول أخرى ، ومدى توفر الأمان والاستقرار الاقتصادي.

- الوضع الاقتصادي الداخلي: الآداء العام للاقتصاد المصري ، ومدى الانتعاش الداخلي ، وتوفر السيولة ، وتطور الصناعة والزراعة وزيادة قدرتها التنافسية ، وارتفاع مستوى دخل الأفراد ، وتغير مستوى الانفاق الخاص والعام.

- الأحوال السياسية العالمية: الحروب والأزمات العالمية وتأثيرها على الأنشطة الاقتصادية ، والتحالفات الدولية ، وتوجهات السياسات العالمية في دعم بعض الدول أو التضييق عليها.

- الأحوال الاقتصادية العالمية : مدى انتعاش الاقتصاد العالمي ، والتوجهات الاقتصادية للدول والأسواق المتقدمة والناشئة ، وحركة التجارة العالمية ، وأسعار الطاقة ، وحالات الانتعاش والركود العالمي.

- التقدم التكنولوجي: ومدى تأثيره على الصناعات القديمة والصناعات الحديثة ، والطفرات التي تتحقق من بزوغ منتجات تكنولوجية جديدة ، تلغي منتجات قديمة أو تتفوق عليها، مما يحدث تغييرا محوريا في أنشطة الشركات ذات العلاقة بهذا التطور.

ملحوظة هامة جدا:

الجدير بالذكر أن المؤشرات السابقة يتم تطبيقها على الوضعين: الوضع الحالي ، والوضع المستقبلي بناء التوقعات والتكهنات وهو صاحب الجانب الأكبر في التأثير على مستقبل آداء الأسهم في الفترة المقبلة.

كيفية تداول الأسهم : يجري تداول الأسهم بالبيع والشراء في بورصة الأوراق المالية ، فقط عن طريق مكاتب السماسرة ، بطريقة أشبه بالمزاد ، حيث يقوم البائع بعرض كمية الأسهم التي يريد بيعها عن طريق السمسار ، ويحدد السعر ويتم عرضه على شاشات الكومبيوتر في البورصة ، ويقوم المشتري أيضا بطلب شراء أسهم من شركة محددة عن طريق السمسار محددا سعر الشراء المناسب له ، ويتم عرضه أيضا على شاشات الكومبيوتر في البورصة ، والبائعين والمشترين يطالعون العروض والطلبات التي تظهر على شاشات الحاسب طوال وقت عمل البورصة ، ويمكن لكل من البائع والمشتري تعديل سعر البيع والشراء بناء على سوق العرض والطلب ، ويقوم كومبيوتر البورصة بالتوفيق الآلي بين العروض والطلبات المتفقة في الأسعار فوريا، وفق أسبقية العرض أو الطلب حال اتفاق الأسعار وتساويها ، وخلال اليوم الواحد يتم تداول سهم الشركة الواحدة بأكثر من سعر وفق المزاد العلني للأسهم ، فربما يباع السهم بسعر عال ، ثم يباع بعد ذلك بأسعار منخفضة والعكس صحيح ، وفق الطلبات والعروض التي تتجدد لحظيا على مدار يوم العمل في البورصة على شاشات الكومبيوتر ، ويمكن متابعة الأسعار من خلال صالات البورصة المخصصة أو من خلال مكاتب السماسرة التي تحتوي على شاشات حاسب متصلة مباشرة بكومبيوتر البورصة ، ويحصل السمسار على نسبة تسعة في الألف من قيمة صفقة البيع أو الشراء عمولة له ، شاملة الحفظ المركزي ، ويمكن التفاوض حول مقدار هذه النسبة مع السمسار بالنسبة للعملاء الكبار.

انتقال ملكية الاسهم : بعد تنفيذ البيع تنتقل ملكية السهم إلى المشتري الجديد بعد ثلاثة أيام عمل في البورصة ، ولايستطيع الشاري الجديد إعادة بيعها إلا بعد هذه المدة ،ويمكن أيضا للبائع أن يستلم نقوده خلال نفس المدة أو أسبوع ، حسب شركة السمسرة.

شركات الحفظ المركزي: تصدر الأسهم في صورة صكوك ورقية مدون فيها بيانات الشركة المصدرة وعدد الأسهم التي يمثلها الصك الواحد ، وملحق بها كابونات صرف الأرباح ، والتي عن طريقها يتم صرف الأرباح ن وكانت ملكية الأسهم لحاملها مثل النقود تماما ، وحاليا تم استبدال هذا النظام بحفظ هذه الصكوك لدى شركات الحفظ المركزي ، ليسهل التعامل معها بالبيع والشراء بواسطة الحاسب الآلي دون الحاجة إلى تداول الصكوك نفسها ، وتثبت ملكية الأسهم لمن اشتراها في شركة الحفظ ، وتعطي لمالكي الأسهم شهادات تفيد ذلك ، علاوة على الفاتورة التي يحصل عليها من شركة السمسرة التي تفيد شرائه للأسهم.

حساب سعر السهم الافتتاحي : قوانين البورصة لا تسمح بصعود أو هبوط سعر السهم في يوم عمل واحد بأكثر من 5% من قيمته الافتتاحية التي تتغير في كل يوم ، وذلك يعني أنه إذا كان سعر السهم الافتتاحي في بداية يوم العمل 100 جنيه ، فإن اقصى سعر للسهم في ذلك اليوم هو 105 جنيه ، واقل سعر للسهم هو 95 جنيه ، وذلك لحماية المستثمرين من خطر أي هبوط أو صعود غير طبيعي للسهم في اليوم الواحد بناء على إشاعات، ويتم بناء على المعاملات اليومية تحديد متوسط سعر تداول السهم خلال اليوم (السعر السوقي المرجح له) ، الذي يمثل سعر الإغلاق في هذا اليوم ، وهو نفسه سعر الافتتاح في اليوم التالي ، ولا يتم تغيير سعر الإغلاق إلا بناء على حجم تعامل أدنى ، وإلا بقي سعر السهم علي قيمة سعر الافتتاح.

توزيع أرباح الأسهم (الكوبونات):

تختلف بداية السنة المالية من شركة لأخرى ، فهناك شركات تبدأ سنتها المالية في أول يناير ، وهناك شركات تبدأ سنتها المالية في أول يوليو ، ويسمح قانون الشركات المساهمة أن توزع أرباحها بعد اعتماد ميزانياتها من الجمعية العموية لها في خلال ثلاثة أشهر من انتهاء السنة المالية لها ، وغالبا ما تستغل الشركات المساهمة هذا السماح فلا تصرف أرباحها إلا في آخر شهر أكتوبر ، أو في آخر شهر ابريل تبعا لسنتها المالية ، ولا تلتزم الشركات المساهمة بصرف أرباحها في صورة نقدية ، بل يعمد بعضها إلى توزيع أسهم مجانية على المساهمين بنسبة من أسهمهم بدلا من ذلك ، وقد تحول نسبة من أرباحها للمشاريع المستقبلية مع زيادة القيمة الدفترية للسهم ، أو تحول الأرباح لتكوين احتياطي عام للشركة ، ويتم توزيع الأرباح (الكوبونات) على من في حوزتهم الأسهم قبل يوم التوزيع مباشرة ، فربما تكون قد احتفظت بالسهم لمدة عام كامل ، ثم قمت ببيعه قبل توزيع الأرباح بيوم واحد ، فيأخذ قيمة الكوبون من اشتراه ولو من قبل يوم التوزيع بيوم واحد ، ولا يستطيع حامل السهم أن يطالب بنسبة من قيمة الربح تبعا للمدة التي مكثها السهم في ملكه ، على غير البنوك ، التي تعطي أرباح تشغيل عن كل شهر عن الودائع المستثمرة لديها ، وعادة ما يرتفع سعر السهم قرب ميعاد توزيع الأرباح بقيمة الربح (الكوبون) المعلنة عن الشركة قبل التوزيع ، وبعد التوزيع مباشرة ربما تهبط قيمة السهم بنفس قيمة الكوبون الذي تم صرفه لحامل السهم.

فلسفة الاستثمار في الأسهم

هناك توجهان في الاستثمار في الاسهم ، التوجه الأول يريد الاستثمار في الشركات المساهمة نفسها ، بأن يضع مدخراته في أسهم شركات ناجحة تحقق أرباحا عالية تشكل العائد الذي يرجوه من مدخراته ، والتوجه الثاني يريد المتاجرة في الأسهم بأن يشتري أسهما من شركات متعددة ، ويسعى إلى إعادة بيعها مرة أخرى بسعر أعلى ، دون انتظار صرف عائد أرباحها.

فالأول يحتفظ بأسهمه طالما آداء الشركة المساهم فيها ناجح وتصرف أرباحا كبيرة نسبيا للثمن الذي دفعه فيها ، والآخر لا يسعى للاحتفاظ بالاسهم ولكن للمتاجرة بها عند تغير الأسعار ، وفق توقعات الأسواق وآداء الشركات ، والنوع الثاني يحمل مخاطرة أكبر ، والبعض يجعلها مقامرة ومراهنة غير محسوبة مما يتسبب له الأمر في خسائر كثيرة.

الفلسفة المختارة : المتاجرة فقط في أسهم الشركات الرابحة ، ذات العائد الكبير ،بحيث لا يضيرك الاحتفاظ بهذه الأسهم إذا لم تستطع بيعها مرة أخرى، لأنك تنتظر صرف أرباحها (الكوبونات) فهذا هو استثمارك الأساسي ، فافعل ولكن ذلك سوف يستغرق منك المزيد من الأوقات.

أرباح البنوك الإسلامية : تتكون أرباح البنوك الإسلامية من التالي:

- أرباح المعاملات المالية المشروعة من تحويل نقود ، وحسابات جارية وخدمات مصرفية

- أرباح الشركات التي تساهم فيها

وكما ترى أن أرباح البنوك الاسلامية الحقيقية تعتمد أساسا على الاستثمار في الأسهم ، ولكن نظرا لاتساع نشاطها وتنوعه ، فتقل مخاطر الاستثمار بدرجة كبيرة ، علاوة على تخصيصها نسبة من الاستثمار في المجالات المستقرة القليلة الأرباح لضمان الثبات النسبي ولو على مستوى منخفض لأرباحها.


تكوين المحفظة المالية: الحكمة المشهورة تقول لا تجعل بيضك في سلة واحدة

ينصح الخبراء بالتنوع عند الاستثمار في الاسهم ، عن طريق شراء أسهم من شركات عدة ، وتكوين ما يسمى محفظة مالية ، وذلك لتجنب مخاطر تعرض شركة محددة لخسائر ، ويمكن أيضا للمستثمر شراء أسهمه من شركات تنتمي لقطاعات متعددة ، لتجنب الكوارث والأزمات التي قد تصيب قطاع بأكمله وليس شركة بعينها ، وذلك بأن يشتري أسهما من شركات تابعة لقطاعات متعددة ، مثل قطاع الأدوية وقطاع المقاولات وقطاع المنسوجات ، وهكذا ، فإذا لحق ضرر بقطاع بأكمله ، لم يلحق الضرر بأسهمه الأخرى التابعة لقطاعات أخرى ، وعادة يقوم المستثمر بحساب آداء إجمالي أسهمه (محفظته المالية) ، وتحديد قيمة إجمالية لها بصفة دورية ليتعرف على مدى آداء محفظته.

مصدر الارباح في السهم : وهم مصدران

- زيادة قيمة الأسهم عن سعر شرائها (زيادة رأسمالية) ، بأن يرتفع قيمة السهم السوقي عن السعر الذي اشتريته به ، وتسمى أرباح المتاجرة بالأسهم عند بيعها.

- الارباح السنوية الموزعة للأسهم (الكوبونات)، وهي (زيادة استثمارية)

مزايا الاستثمار في أسهم الشركات الناجحة

- الاستثمار في الاسهم ، استثمار لا يحمل صاحبه عبأ الإدارة وتبعاتها ، ولكن عليه متابعة أخبار الشركة في ميزانياتها الربع سنوية لمتابعة آدائها فقط ، ويتيح له هذا الاستثمار التفرغ لعمله الأساسي.

- استثمار ليس عليه ضرائب

- الاستثمار في الاسهم يحمي الأموال من آثار التضخم أو انخفاض سعر العملة المصرية ، حيث أنه يمتلك أصول في الشركة المساهمة ، التي سوف يرتفع قيمتها نتيجة التضخم ، وسوف يزداد سعر منتجاتها أيضا تبعا لتغير الأسعار في الأسواق.

- ليس هناك حد أدنى للمساهمة في الشركات ، حيث يمكنك شراء أي عدد من الأسهم (المعروضة) ، ولو سهما واحدا ، وزيادة مساهماتك وفقا لرؤيتك لآداء الشركة وإمكانياتك

- تتوفر حاليا فرصة فريدة للاستثمار في الاسهم المصرية التي هبطت قيمتها كثيرا عن سعر الطرح الاولي لها في البورصة ، مما جعل نسبة الارباح التي تقوم بتوزيعها منسوبة إلى السعر السوقي للسهم كبيرة تتراوح بين 20% إلى 30% ، فعلى سبيل المثال شركة سعر الطرح لسهمها كان مائة جنيه وتوزع أرباحا عشرة جنيهات ، أصبح قيمة السهم السوقية خمسون جنيها وما يزال يوزع ارباحا عشرة جنيهات ، فالمستثمر الذي يشتري السهم بقيمة خمسون جنيها حاليا تصير نسبة أرباحه 20% ، وهذا مبلغ كبير جدا مقارنة بأي استثمار آخر ، مع الأخذ في الاعتبار العوامل السابقة.


مقارنة بين الاستثمار في الأسهم ، واستثمار ودائع في البنوك

وجه المقارنة

ودائع البنوك

الأسهم

أرباح التشغيل

أقل من الاسهم(حاليا حول 10%)

الاستثمار: حول 15% - 30%

المتاجرة : حول 30% - 200%

زمن التشغيل

تقوم البنوك بحساب عائد التشغيل على مستوى الشهر للودائع ، فتأخذ أرباحك عن الشهور الكاملة التي مكثتها وديعتك

المتاجرة: غير مرتبطة بزمن للتشغيل

الاستثمار: ليس هناك أي اعتبار لمدة احتفاظك بالسهم ، حيث أن الارباح تستحق لآخر مالك للسهم قبل يوم التوزيع ، ولكن سعر السهم يتدرج صعودا عادة إلى يوم توزيع الأرباح ، ثم ينقص عادة بقيمة الكوبون

تصفية الاستثمار أو تسييله

تحصل على كامل رأس مالك فورا

قد تحصل على أزيد من رأس مالك أو أقل تبعا للقيمة السوقية الحالية للسهم لحظة التصفية (الرغبة في بيع الاسهم) ، وقد لا يمكنك التصفية بسرعة كافية حال عدم وجود مشتريين

مخاطر الاستثمار

ضعيفة جدا في البنوك الاسلامية

لاتوجد في البنوك الربوية

الاستثمار: قليلة عند التنوع

متوسطة بدون تنوع

المتاجرة: متوسطة – مبدأ الآداء

عالية – مبدأ المراهنة

توزيع الأرباح

منتظم ومضمون

الاستثمار : منتظم نسبيا ، غير مضمون،

المتاجرة : الربح هو عائد المتاجرة اللحظي

التأثر بالتضخم

يتاثر سلبا بشدة

لا يتأثر

التأثر بانخفاض الجنيه

يتأثر سلبا

يؤثر سلبا فقط في الشركات التي تستورد ، وعليها التزامات مسبقة بالعملة الأجنبية ، وعدا ذلك تقوم الشركة بتحريك أسعار منتجاتها

جهد متابعة الاستثمار

لا يوجد

المتاجرة: جهد كبير يومي

الاستثمار: جهد قليل بمعدل ساعة يوميا لمتابعة الأخبار والميزانيات ، للتحرك السريع ، وتجنب الكوارث ، واستغلال الفرص

كيف تكون وتدير محفظتك المالية

لا ننصح أي شخص بالدخول للاستثمار في البورصة خصوصا المتاجرة ، وهو غير مؤهل بعد لذلك ، وليس عنده القدرة لفهم المؤشرات الاقتصادية ، والميزانيات والتعامل معها ، مندفعا نحو الربح الكبير الواعد ، دون تريث، وإلا يعهد بهذه المهمة إلى من هو أهل بها ويوكله عنه في إنشاء وإدارة محفظته المالية، وعموما إن توفرت للفرد الرؤية الاقتصادية والثقافة اللازمة لذلك يمكنه أن يتبع الخطوات التالية:

أولا: اختيار الأسهم من خلال متابعاتك لميزانيات الشركات المعلنة على مدار الثلاث سنوات الماضية ، وتوجهات السوق ، والأرباح المعلنة ، قم باختيار شركات متعددة من قطاعات مختلفة ، ذات آداء عال ، وتوقعات مستقبلية بالنمو ، ويمكنك الاستفادة من مطبوعات البورصة ونشراتها ، والدلائل السنوية المطبوعة.

ثانيا: اختيار شركة السمسرة قم باختيار شركة سمسرة من الشركات المشهورة بالأمانة ، والتي توفر لعملائها خدمة العرض الفوري لبيانات البورصة (البيع والشراء) ، على شاشات الكومبيوتر ، ثم قم بفتح حساب لديها ، وأودع المبلغ المراد استثماره في محفظتك المالية.

ثالثا: متابعة البورصة قم بمتابعة لأعمال البورصة اليومية لمدة أسبوعين ، دون أن تشارك في البيع والشراء ، حتى تعي تماما معاملات البورصة ، من خلال متابعة العمليات اليومية التي تجرى الشاشة ، ومن خلال متابعة تصرفات العملاء.

رابعا: متابعة أخبار الشركات ، والأخبار الاقتصادية من خلال مواقع الانترنت ، أو من خلال الصحف ، أو من خلال نشرات البورصة ، وذلك للتعرف على تأثير القرارات الاقتصادية والأحداث العالمية ، وإعلانات ميزانيات الشركات وغيرها ، على أسعار الأسهم.

خامسا: شراء الأسهم يمكنك الآن البدء في شراء الاسهم ، وتحين الفرص لذلك ، ولا يلزم شرائها جميعها في يوم واحد ، ولكن يتحين الفرص والأسواق ، ليقوم بشراء الأسهم التي اختارها من قبل في أوقات هبوط الاسعار ، ولا يلزم شراء الكمية المستهدفة دفعة واحدة ، ولكن على دفعات.

سادسا: متابعة المحفظ المالية استمر في متابعة أخبار الشركات وميزانياتها المعلنة ، وإذا كان غرضك الاستثمار ، فلا تتحرك بالبيع إلا إذا تأثر آداء الشركة التي تمتلك أسهمها تأثرا سلبيا كبيرا فقط ، ولا تتحرك بالبيع لانخفاض أو ارتفاع سعر السهم ، فوقتك لا يسمح بذلك ، ويمكنك استغلال الفرص والمتاجرة بأسهم الشركات الرابحة فقط ، بحيث لا يضيرك الاحتفاظ بهذه الأسهم إذا لم تستطع بيعها مرة أخرى، لأنك تنتظر صرف أرباحها (الكوبونات) فهذا هو استثمارك الأساسي ، فافعل ولكن ذلك سوف يستغرق منك المزيد من الأوقات ، وقم بمتابعة المؤثرات السابق ذكرها والتس تؤثر على أسعار الأسهم السوقية.

أما المتاجرة في الأسهم ، فسوف تستلزم متابعة شديدة يومية لأسعار الأسهم وتيارات الصعود والهبوط لاستغلال الفرصة بالبيع أو الشراء.


توكيل إنشاء وإدارة محفظة مالية

وكلت أنا / --------------------------------- الطرف الأول

الاستاذ /----------------------------------- الطرف الثاني

في تكوين وإدارة محفظتي المالية في البورصة ، بحيث يقوم نيابة عني بأعمال إصدار أوامر البيع والشراء للأسهم وتنفيذها عن طريق شركة -------------- للسمسرة ، وسوف يعبر عنها في باقي الاتفاق باسم (شركة السمسرة) ،في حدود رصيدي المالي المودع لدى شركة السمسرة ، ولا يحق له صرف أي مبالغ نقدية من رصيدي لدى شركة السمسرة ، أو تجاوز الرصيد النقدي المتاح في أي لحظة من لحظات تشغيل المحفظة ، ولقد تم الاتفاق على أن يقوم الطرف الثاني بالعمل على تحقيق مصلحة الطرف الأول في الربح وصيانة ماله وتنميته وفق الشريعة الإسلامية ، وذلك نظير التالي:

- 009% عمولة عن قيمة كل عملية بيع أو شراء شاملة عمولة شركة السمسرة والحفظ المركزي والمقاصة ، ولا يتحمل الطرف الاول أي عمولات تنفيذ اخرى عند البيع والشراء.

- 10% من صافي ربح المحفظة المالية في أول يناير من كل عام ، أو عند رغبة الطرف الأول في إنهاء الاتفاق أو تصفية أو تخفيض أو زيادة المحفظة المالية ، ويتم حساب قيمة جديدة للمحفظة المالية بالقيمة السوقية بعد عمليات تعديل قيمة المحفظة السوقية.

الحد الأدنى لرأس مال المحفظة في أي لحظة هو: --------- تدفع كاملة في بداية الاتفاق

ربح المحفظة المالية يتم حسابه بالطريق التالية:

قيمة المحفظة السوقية+ قيمة رصيد الطرف الأول النقدي في شركة السمسرة – رأس مال المحفظة الأساسي

وللطرف الأول أن ينهي هذا التوكيل في أي وقت يراه ، بعد سداد نفقات التشغيل ونسبة الطرف الثاني من الأرباح وفق ماهو محدد سابقا ، ويتم إدارة المحفظة المالية وفق القواعد التالية

- الاستثمار في أسهم الشركات التي يتفق نشاطها وطبيعة معاملاتها مع الشريعة الإسلامية في معظمها

- يقوم الطرف الثاني بإمداد الطرف الأول بكشف حساب من شركة الحفظ المركزي مبينا فيه رصيده من الأسهم كل ---- شهر ، ويتحمل الطرف الأول مصاريف إصدار كشف الحساب وفق الأسعار الرسمية المعلنة من شركة الحفظ المركزي.

- يقوم الطرف الثاني بإمداد الطرف الأول بكشف حساب التشغيل كل ثلاثة أشهر ، موضحا فيه الأسهم المملوكة للطرف الأول ، والرصيد متوفر نقدا لدى شركة السمسرة ، وصافي أرباح أو خسائر التشغيل حتى حينه.

- كيفية الاستثمار : استثمار ثابت في أسهم ناجحة ، استثمار ثابت في أسهم ناجحة مع متاجرة ، متاجرة في الأسهم عامة ؟ نوعية الاستثمار المختار هي: --------------

- تم الاتفاق على ان القطاعات التي يتم الاستثمار فيها هي : (أو جميع القطاعات)

القطاعات المتاحة :

قطاع الأدوية ، قطاع الصناعات الكيميائية والبترول ، قطاع الاتصالات والمعلومات والتكنولوجيا والالكترونات ، قطاع الأغذية ، قطاع الأسمنت ومستلزمات البناء ، قطاع شركات المقاولات والأنشطة العقارية ، قطاع شركات الأموال والبنوك الإسلامية ، قطاع التصنيع عامة ، قطاع الثروة الحيوانية والداجنة ، قطاع الاستثمار الزراعي ، قطاع الأنشطة التجارية ، قطاع شركات الخدمات والصيانة ، قطاعات أخرى

الحد الأدنى للاستثمار في توكيل إدارة المحفظة هو :

الاستثمار في مجال الاسهم عالية الربح دون المتاجرة: 10000 جنيه

الاستثمار في مجال الاسهم الرابحة مع المتاجرة : 25000 جنيه

وأقر أنني أعي تماما طبيعة الاستثمار في الأسهم ، وقد قرأت البحث المرفق الخاص بالاستثمار في الأسهم.




مشروعية السوق المالية

أ.د / محمد عبد الغفار شريف

الحمد لله الذي أمر عباده المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: "يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون"، والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين، فبيّن شرائع الحق، ومعالم الحلال والحرام، وبعد:

فإن الله تعالى أنزل آدم (عليه الصلاة والسلام) إلى الأرض ليكون خليفته فقال: "إني جاعلٌ في الأرض خليفة" (البقرة: 30). والاستخلاف في الأرض يعني تعميرها وتطبيق شرع الله فيها. وقد أرشد ربنا بني آدم إلى ذلك في كتابه الكريم فقال: "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور" (الملك: 15).

وتعمير الأرض يحتاج إلى الصناعة والزراعة والتجارة والتعليم، والصناعة والزراعة يحتاجان إلى التجارة كما تحتاج هي إليهما، والكل بحاجة إلى العلم لينير لهم الطريق المستقيم.

ومعاملات الناس فيما بينهم تختلف شكلاً وصورة؛ فهي سهلة ميسرة في المجتمعات البدائية، معقدة ومتعددة في المجتمعات الراقية، وكذلك الأمر بالنسبة للأسواق. فقد جاء في الموسوعة العربية الميسرة:

سوق: قبل أن تنتشر وسائل النقل، ويتطور تسويق البضائع لم تكن فرص التعامل في الأسواق مواتية إلا في الأعياد والاجتماعات الدينية، حين يجتمع الناس من مختلف البلدان والأقطار، وعُرف عند العرب سوق عكاظ، كما كانت الأسواق معروفة عند اليونان والرومان، وفي أوروبا إبان القرون الوسطى، ولا سيما القرنين 13، و14م، ثم تقلصت هذه الأسواق وزالت مع سهولة المواصلات وانتشار المتاجر، ولم يبق منها في أوروبا إلا القليل، مثل سوق ليبزج ونزني نفجورد. وفي أمريكا سوق قي كونكتيكت، وهي من نوع خاص للمنتجات الزراعية والمنزلية التي ينتخبها محكمون..

وهو أيضاً المكان الذي يلتقي فيه البائعون والمشترون لسلعة معين.

غير أن وحدة المكان ليست شرطًا أساسيًا لقيام السوق. ويكفي وجود صلة فيما بين البائعين والمشترين، بحيث يكون الثمن الذي يقتضيه أو يدفعه أحدهم، يؤثر في الثمن الذي يقتضيه أو يدفعه الآخرون، وقد تتحقق هذه الصلة بالبرق أو بالبريد أو بأية طريقة أخرى. ولكل سلعة سوق، فإذا كانت السلعة متماثلة الوحدات، نشأت السوق المنظمة التي تعرف بالبورصة، كذلك توجد سوق للنقود تجمع بين المقرضين، فإذا كان القرض لأجل قصير لا يتجاوز عادة مدة سنة، سُميت بالسوق النقدية، وتتداول فيها الأوراق التجارية، مثل الكمبيالات والسندات الإذنية. فإذا كان القرض لأجل يتجاوز السنة، سميت بالسوق المالية، وتتداول فيها الأوراق المالية، مثل الأسهم والسندات. ويوجد أيضًا ما يسمى أحيانًا بسوق العمل حيث يتلاقى عرض وطلب عمل معين..

والذي يهمنا ـ هنا ـ السوق المالية، أو ما يُسمَّى بسوق الأوراق المالية، أو بورصة الأوراق المالية. وقد اشتقت كلمة "بورصة" من:

أ ـ فندق في بروج ببلجيكا، كانت تزين واجهته شعار عملة عليها ثلاثة أكياس، كان يجتمع فيه عملاء مصرفيون ووسطاء ماليون لتصريف أعمالهم.

ب ـ أو من أحد صيارفة مدينة "بروج" اسمه: فان ديير بورسيه كان تجار المدينة يجتمعون في قصره. وكان شعار أسرته ثلاثة أكياس من الذهب.

وجاء في المعجم الوسيط 1/49: البرصة: المصفق، وهي سوق يعقد فيها صفقات القطن والأوراق المالية - وجمعها وفق هذا المذهب - براص.

بينما جاء في المعجم الكبير 2/667: البورصة: سوق مستمرة منتظمة، تقوم على أساس تلاقي العرض والطلب… إلخ. وفضلنا استخدام لفظ "البورصة"؛ لأنه المتداول.

تجدر الإشارة إلى أن الأوراق المالية تختلف عن الأوراق التجارية؛ إذ إن الأخيرة تعتبر صكوكًا تمثل نقودًا، وتقوم مقامها في وفاء الديون بسبب سهولة تداولها بطريقة التظهير والمناولة، وهي واجبة الدفع في وقت معين، وتطلق على الكمبيالة والسند الإذني والشيك، لأنه يغلب استعمال هذه الأوراق في محيط التجارة، وهذه التسمية من شأنها أن تميزها عن الأوراق المالية كالأسهم والسندات. ويمكن حصر الأوراق المالية التي يجري التعامل بها في السوق المالية بم يلي:

أولا: الأسهم

التعريف اللغوي: الأسهم جمع سهم، والسهم في اللغة : النصيب، وجمعه سٌهمان وسهمة وأسهم وسهام. والقدح يضرب فيه بالمسير، وقال ابن الأثير: وهو الأصل فيه. وجمعه سهام. وواحد النبل، وجمعه أسهم وسهام. ومقياس تمسح به الأرض، وحجر يجعل على باب البيت، يُبنى ليُصطاد فيه الأسد، وجائز البيت أي: جسره.

التعريف الاصطلاحي: السهم هو النصيب الذي يشترك به المساهم في رأس مال الشركة، ويتمثل السهم في صك يُعطى للمساهم، يكون وسيلة لإثبات حقوقه في الشركة. وهناك تعريفات أخرى مقاربة.

خصائص الأسهم:

للأسهم خصائص تتميز بها، نجملها فيما يلي:

أ) تتساوى قيمة الأسهم حسبما يحددها القانون، والحكمة من تساويها تسهيل تقدير الأغلبية في الجمعية العمومية، وتسهيل عملية توزيع الأرباح على المساهمين، وتنظيم سعر الأسهم في البورصة.

ب) تساوي قيمة الأسهم يقتضي تساوي الحقوق بين المساهمين، إلا أن بعض القوانين تجيز إصدار أسهم ممتازة بقرار من الهيئة العامة غير العادية، تمنح أصحابها حق الأولوية في الأرباح، أو في أموال الشركة عند تصفيتها، أو كليهما، أو أية ميزة أخرى.

جـ) تكون مسئولية الشركاء بحسب قيمة السهم، فلا يسأل عن ديون الشركة إلا بمقدار أسهمه التي يملكها.

د) عدم قابلية السهم للتجزئة، فإذا مات الشريك أصبحت ملكية السهم مشاعة بين الورثة، ويختارون ممثلاً عنهم في الجمعية العمومية للمساهمين، لكي يباشر الحقوق المتصلة بالأسهم.

هـ) قابلية الأسهم للتداول. وهي أهم خصيصة للسهم، فإذا نص على خلاف ذلك فقدت الشركة صفة المساهمة.

حقوق السهم أو المساهم:

يعطي متملك السهم حقوقًا أساسية للمساهم أهمها صفته شريكًا، فلا يجوز حرمانه منها، أو المساس بها. وتتلخص فيما يلي:

أ) حق البقاء في الشركة، فلا يجوز فصل أي مساهم من الشركة؛ لأن المساهم متملك في الشركة، ولا يجوز نزع ملكيته إلا برضاه. وذلك فيما عدا حالة التأميم، التي تنتزع فيها الملكية الخاصة وتتحول إلى ملكية عامة.

ب) حق التصويت في الجمعية العمومية، وهو سبيل المساهم إلى الاشتراك في إدارة الشركة، وهو حق يجوز له التنازل عنه لغيره، ولكل سهم صوت، إلا إذا كان لسهم امتياز أن يكون متعدد الأصوات.

جـ) حق الرقابة على أعمال الشركة، وهو لكل مساهم، وذلك لمراجعة ميزانية الشركة وحساب الأرباح والخسائر وتقارير مجلس الإدارة، ولكل ما يتعلق بأمور الشركة قبل انعقاد الجمعية العمومية. ويكون ذلك بإذن من الجمعية، أو بقرار من المحكمة، حتى لا تفشو أسرار الشركة، وله أن يستجوب الأعضاء في الجمعية العمومية عمَّا يريده من شئون الشركة.

د) حق رفع دعوى المسئولية على المديرين بسبب أخطائهم في الإدارة.

هـ) الحق في نصيب من الأرباح والاحتياطات؛ وذلك لأن المساهم يقدم حصته في رأس المال من أجل الربح، فلا يصح حرمانه من هذا الحق عند توزيع الأرباح المحققة، وكذلك له الحق في الاحتياطي المتكون من الاقتطاعات من الأرباح.

و) الأولوية في الاكتتاب: وذلك إذا قررت الشركة زيادة في رأس المال، فإن الأولوية في الاكتتاب تكون للمساهمين القدامى؛ لأنهم أولى بالأموال الاحتياطية وموجودات الشركة، فيعطي لهم الحق في المساهمة في زيادة رأس المال خلال مدة معينة، ثم يباح للمساهمين الجدد بعد ذلك.

ز) حق التنازل عن السهم: فللمساهم أن يتصرف في البيع أو الهبة أو غيرهما، ويعد باطلاً كل شرط يحرم المساهم من هذا الحق.

ح) حق اقتسام موجودات الشركة عند حلها: وذلك لأنه عضو في الشركة قد قدم حصته في رأس المال، فإذا صفيت الشركة كان له حقه متعلقًا بموجوداتها، لأنه نمَّى رأس المال.

أنواع الأسهم:

تنقسم الأسهم إلى أنواع مختلفة بحسب طبيعة كل نوع:

أ) من حيث الحصة التي يدفعها الشريك تنقسم إلى:

نقدية، وهي التي تُدفع نقدًا.

عينية، وهي التي تُدفع من غير النقد.

ب) من حيث الشكل تنقسم إلى:

أسهم اسمية: وهي التي تحمل اسم المساهم وتثبت ملكيته له.

أسهم لحاملها: وهي التي لا تحمل اسم حاملها، ويعتبر حامل السهم هو المالك في نظر الشركة، وقد قضت القوانين التجارية العربية أن تكون جميع الأسهم اسمية، ولا يجوز أن تكون أسهمًا لحاملها.

أسهم للأمر: وهي عبارة عن أسهم تتضمن (للأمر)، فيكون السهم حين إذ قابلاً للتظهير كسائر السندات التي تحمل شرط الأمر.

جـ) من حيث الحقوق التي تعطيها لصاحبها تنقسم إلى قسمين:

أسهم عادية: وهي التي تتساوى في قيمتها وتخول المساهمين حقوقًا متساوية.

أسهم ممتازة: وهي الأسهم التي تختص بالمزايا لا تتمتع بها الأسهم العادية، وذلك أن الشركة قد ترغب في زيادة رأس مالها، فتعطي الأسهم الجديدة امتيازات لا تتمتع بها الأسهم القديمة، لتشويق الجمهور للاكتتاب بها.

ومن هذه المزايا: حق الأولوية في الحصول على الأرباح، كأن تختص الأسهم الممتازة بحصة في الأرباح لا تقل عن خمسة في المائة من قيمتها، وتوزع باقي الأرباح على الأسهم جميعًا بالتساوي أو استيفاء فائدة سنوية ثابتة، سواء ربحت الشركة أم خسرت ومنها حق استعادة قيمة الأسهم بكاملها عند تصفية الشركة قبل إجرائها بين سائر المساهمين، ومنها أن يكون للسهم الممتاز أكثر من صوت واحد في الجمعية العمومية.

د) وتنقسم الأسهم من حيث إرجاعها إلى صاحبها أو عدم إرجعاها إلى قسمين:

أسهم رأس المال: وهي الأسهم التي لم تستهلك قيمتها.

أسهم تمتع: وهي الأسهم التي استهلكت قيمتها، بأن ردت قيمت السهم إلى المساهم قبل انقضاء الشركة، وهو معنى الاستهلاك، ويكون الاستهلاك بطرق متعددة.

جـ) حصص التأسيس:

صكوك تعطي حاملها حقوقًا في أرباح الشركة دون أن تمثل حصة في رأس المال وتمنح حصص تأسيس مكافأة على خدمات أداها المؤسسون للشركة، ومن هنا جاءت تسميتها. وقد تمنح لغير المؤسسين وتُسمى عندئذٍ حصص الأرباح. وقد أعطت بعض التشريعات الحرية في إنشاء هذه الحصص لمكافأة المجهودات التي بذلت في تأسيس الشركة، أو الخدمات التي قدمت لهذا الغرض.

وليست للحصص التأسيس قيمة اسمية وإنما يحدد نصيبها في الأرباح، ولذلك لا تدخل في حساب راس المال، ولا يكون لأصحابها نصيب في فائض التصفية عن حل الشركة. وهي لا تخول صاحبها التدخل بأي وجه في إدارة الشركة وتكون هذه الصكوك اسمية عند نشأتها لمدة سنتين من تأسيس الشركة، وقد يتغير شكلها بعد ذلك، فتصبح لحاملها، وهي قابلة للتداول بالطرق التجارية بعد سنتين على الأقل.

الحكم الشرعي في الاسهم

التكييف الفقهي للأسهم: الأسهم عبارة عن حصة الشريك في رأس مال الشركة المساهمة، وشركة المساهمة عبارة عن شركة عنان باتفاق جمهور العلماء المعاصرين. وشركة العنان هي:

أ) التعامل بالأسهم: وإصدار الأسهم وتداولها بالجملة جائز، بشرط خلوها مما يستوجب الحرمة. وقد قال الدكتور محمد يوسف موسى: "والغالب أن الشركات تقسم رأس مالها إلى أسهم، يكتتب فيها من يرد، وتكون أسهمه عرضة للخسارة أو الربح، تبعًا لنشاط الشركة، ولا ريب في جواز المساهمة في الشركات بملكية عدد من أسهمها، لتوفر الشروط الشرعية فيها؛ إذ إن لها حقها من الربح، وعليها نصيبها من الخسارة، فالربح يستحق تارة بالعمل، وتارة بالمال، ولا شيء من الربا وشبهته في هذه العملية".

ويمكن أن نستشهد بصحة تداول الأسهم بيعًا وشراء بقول النووي (رحمه الله) بالمجموع: "المال إما دين وإما عين، والعين ضربان: أمانة، ومضمون. فأما الأمانة: فيجوز للمالك بيع جميع الأمانات قبل قبضها؛ لأن الملك فيها تام، وهي كالوديعة في يد المودع ومال الشركة والقرض في يد الشريك والعامل. وهذا الكلام مجمل يحتاج إلى شي من التفصيل.

ونبدأ هذا التفصيل بالكلام على أنواع الأسهم:

أ - تقدم أن الأسهم تنقسم من حيث الحصة التي يدفعها الشريك إلى أسهم نقدية: وهي التي تدفع نقداً، وأسهم عينية: وهي التي تدفع أموالاً من غير نقد.

وقد أجمع الفقها على جواز الشركة بالأثمان المطلقة التي لا تتعين بتعيين في المعاوضات كالنقدين. وتعتبر العملة الرائجة، والأوراق النقدية في حكم النقدين. وعلى هذا فلا خلاف في إصدار السهم النقدي والتعامل به. واختلف العلماء في جواز الشركة بالعروض إذا قومت، فذهب المالكية إلى صحتها في العروض المقومة، وأما الشافعية فذهبوا إلى صحتها في المثليات من العروض. وعلى هذا يمكننا أن نحكم بصحة إصدار السهم العيني والتعامل به، اختيارًا لمذهب من قال به، وتيسيرًا على المسلمين في معاملاتهم، لا سيما الممانعين لم يستدلوا على المنع بدليل نقلي، والله أعلم.

ب - وتنقسم الأسهم من حيث الشكل إلى: أسهم اسمية: وهي التي تحمل اسم صاحبها، وأسهم لحاملها: وهي التي لا يذكر فيها اسم مالكها، ولكن يُذكر أنها للحامل؛ فيكون أي شخص يحمل هذا الصك هو المساهم في الشركة. وهناك أسهم للأمر: وهي التي يكتب عليها للأمر، وتتداول بطريقة تظهير.

فأما الأسهم الاسمية، فلا خلاف في جوازها؛ لأنها صكوك تحمل اسم صاحب الأسهم وتثبت ملكيته لها، وهذا هو الأصل في الشركة شرعًا.

ولا خلاف في عدم جواز إصدار الأسهم لحاملها، لجهالة الشريك، وذلك يفضي إلى النزاع والخصومة، كما يؤدي إلى إضاعة الحقوق. فإذا استولى عليها مغتصب أو ضاعت والتقطها إنسان آخر، فإن حاملها سيصير شريكًا في الشركة من غير وجه حق.

وبالنسبة للأسهم للأمر، فقد قال الدكتور عبد العزيز الخياط: "يفترق هذا النوع عن سابقه في أن الشريك يكون معروفًا في مبتدأ الاشتراك؛ إذ إن الشريك الأول صاحب السهم يكون مقيدًا لدى الشركة، وهو لا يحيل أسهم إلا إلى شخص آخر معروف لديه، ولا يعتبر الثاني مالكًا له ولو حمله، فيكون صاحب الأسهم معروفًا على كل حال، والتظهير نقل لملكية السهم إلى الشريك الثاني، أي يصبح الشريك الثاني مالكًا حقيقة للسهم، بدلاً من الأول، ويكون الأول متخليًا عن حقه قبل الشركة، بنقل ملكية السهم الثاني".

وهو نوع من انتقال الحصة إلى شريك آخر، وهذا جائز شرعًا سواء أكان بعوض كالبيع، أم بغير عوض كالهبة، ولا شيء فيه؛ لأن الجهالة منتفية بمعرفة الشريك، ولا يُفضي إلى منازعة أو ضرر، ولأن باقي الشركاء قد ارتضوا شركة الثاني بموافقتهم على نظام الشركة الذي يبيح ذلك، والمؤمنون عند شروطهم، ولا يمنع قلة تداول هذا النوع من الأسهم شرعية جوازه؛ إذ إنه في حقيقية نقل لملكية الأسهم وتنازل من الشريك الأول عما يمثله هذا السهم في أموال الشركة للشريك الثاني.

ج - وتنقسم الأسهم من حيث الحقوق إلى أسهم عادية: وهي التي تتساوى في قيمتها، وتخول أصحابها حقوقًا متساوية، وأسهم ممتازة: وهي الأسهم التي تختص بمزايا لا تتمتع بها الأسهم العادية، قد بيناها فيما سبق.

أما الأسهم العادية فليس في إباحتها أي تردد؛ لأن الأسهم إنما تمثل حصة الشريك في الشركة، وهذه الحصة هي التي تعطي صاحبها الحق في الربح وغيرها، وما دامت الأسهم متساوية في قيمتها الاسمية، فليس لأي سهم الحق في زيادة الربح.

وإصدار الأسهم الممتازة بجميع أنواعها لا يجوز؛ لأن فيها مخالفات لأصل الشركة في الشرع.

فأما إعطاء أصحاب الأسهم الممتازة حق الأولوية في الحصول على الأرباح، وذلك بأن يأخذوا 5% مثلاُ ، ثم توزع الأرباح بعد ذلك على المساهمين، فغير جائز، ومخالف لأصل الشركة.

وأما أن يكون الامتياز بتقدير فائدة سنوية ثابتة لبعض الأسهم، فباطل شرعًا؛ لأن هذه الفائدة ربا، كما بينا في الكلام على السند.

وجاء في فتح القدير: ولا تجوز الشركة إذا شرط لأحد دراهم مسماة من الربح. قال ابن المنذر: لا خلاف في هذا لأحد من أهل العلم.

وكذلك منح بعض أصحاب الأسهم الممتازة حق استرجاع قيمة أسهمهم بكاملها عند تصفية الشركة، وقبل إجراء القسمة بين الشركاء، غير جائز شرعًا؛ لأن الشركة تقوم على المخاطرة، إما ربح وإما خسارة.

ومنح بعض الأسهم الممتازة أكثر من صوت في الجمعية العمومية غير جائز أيضًا؛ لأن المفروض تساوي الشركاء في الحقوق، ومنها التساوي في الأصوات بعدد الأسهم.

وبصفة عامة، طالما أن رأس مال الشركة يتجزأ إلى أسهم متساوية القيمة، فيجب أن تكون متساوية فيما لها من حقوق وما عليها من واجبات.

د - وتنقسم الأسهم من حيث إرجاعها إلى أصحابها أو عدم إرجاعها إلى أسهم رأس المال: وهي التي لم تستهلك قيمتها. وأسهم تمتع: وهي تستهلك قيمتها بأن ترد إلى المساهم قبل انقضاء الشركة.

فأما الأسهم الأولى فجائزة، ولا شيء فيها. وأما أسهم التمتع، فالاستهلاك فيها استهلاك صوري لا حقيقي، وذلك لأن الذي يأخذه المساهمون في مقابل أسهمهم، أو في مقابل أجزاء منها هو حقهم في الربح، وليس شيئًا آخر، فهم يأخذون حقوقهم، وما يُسمى بالاستهلاك لا وجود له في الحقيقة؛ لأن السهم يظل باقيًا على ملك صاحبه، وليس هناك طريق شرعية لاعتباره مبيعًا أو مسقطًا، فيبقى لأصحابه إلى أن تصفى الشركة، فيؤول إليه من موجودات الشركة عند التصفية، سواء قلت أم كثرت أم انعدمت، أو يهبه للدولة إن شرط في الشركة أنها تؤول إلى ملك الدولة، وهو ما يعرف بشركات الامتياز. فالحكم على الأسهم بالاستهلاك هو حكم قانوني لا شرعي، وكل ما يأخذه الشركاء من الربح فهو حقهم، سواء أخذوه في صورة ربح، أم في صورة ثمن للأجزاء المستهلكة للأسهم.

ب) قيمة الأسهم:

من المعروف أن للسهم أربع قيم هي:

القيمة الاسمية: وهي القيمة التي تكون مبينة في السهم، وذلك عندما يصدر السهم، فإنه يكون بالقيمة الاسمية، أي القيمة التي دفعت لامتلاكه ابتداء، وهذا ما يفرضه الشرع؛ إذ إن الصك الذي يثبت حصة الشريك قي رأس مال الشركة، يجب أن يكون مطابقًا للمبلغ الذي ساهم به الشريك حقيقة، خاصة أنه يترتب على مقدار قيمته حصة الشريك في الأرباح.

القيمة الحقيقية: وهي النصيب الذي يستحقه السهم من صافي أموال الشركة من منقولاتها وعقاراتها. فهذه القيمة الحقيقية تختلف بعد ابتداء العمل في الشركة عن القيمة الاسمية، فقد تصبح القيمة الحقيقية أكبر أو أصغر من القيمة الاسمية، حسب ما تصادفه الشركة من نجاح أو فشل في أعمالها.

واعتبار القيمة الحقيقية أمر جائز شرعًا؛ لأنه إن صادفت الشركة نجاحًا وتوسعت ونمت أموالها وموجوداتها بالطرق المشروعة، يكون امتلاك مجموع المساهمين لهذه الزيادة من حقهم، وهو مقصودهم من الشركة. وإن صادفت الشركة خسارة في أعمالها فإن قواعد الشرع تقضي بأن يتحمل المساهمون الخسارة كما يأخذون الربح؛ ولذا تقل قيمة هذه الأسهم، بحسب حجم الخسارة.

القيمة السوقية: وهي قيمة الأسهم عند عرضها للبيع، والقيمة السوقية تختلف عن القيمة الاسمية وذلك بحسب نجاح الشركة في أعمالها، وضخامة موجوداتها، وبحسب رأس مالها الاحتياطي، وبحسب الظروف والأزمات المالية والسياسية، وبحسب الرغبة والإقبال على شرائها، أو عدم الرغبة والإحجام عنها. وهذا أمر جائز شرعًا، فللإنسان أن يبيع سلعته بأي سعر يشاء، دون أي قيد عليه، إلا إذا كانت السلعة من الربويات.

القيمة الإصدارية: تلجأ الشركات في كثير من الأحيان إلى إصدار أسهم تباع بأقل من قيمتها الاسمية، وذلك كأن تكون قيمة السهم الاسمية 4 وحدات نقدية، فتصدره الشركة بقيمة 3 وحدات نقدية، وذلك بقصد زيادة رأس المال. وهذا أمر جائز شرعًا، لأنه في الغالب تكون قيمة السهم الإصدارية قريبة من القيمة السوقية للسهم، والله أعلم.

جـ) بيع الأسهم قبل الوفاء بكامل ثمنها: وهذا الأمر جائز شرعًا؛ لأن المشتري بمجرد العقد، وانقطاع الخيارات صار مالكًا للسلعة، فجاز له التصرف فيها بما شاء، والله أعلم.

د) زكاة الأسهم: إذا قامت الشركة بتزكية أموالها فلا يجب على المساهم إخراج زكاة أخرى عن أسهمه، منعًا للازدواج. أما إذا لم تقم الشركة بإخراج الزكاة فإنه يجب على مالك الأسهم تزكيتها على النحو التالي:

إذا اتخذ أسهمه للمتاجرة بها بيعًا وشراءً، فالزكاة الواجبة فيها هي ربع العشر(2.5%) من القيمة السوقية يوم وجوب الزكاة، كسائر عروض التجارة.

أما إذا اتخذ أسهمه للاستفادة من ريعها السنوي، فزكاتها كما يلي:

أ. إذا مكنه أن يعرف ـ عن طريق الشركة أو غيرها ـ مقدار ما يخص كل سهم من الموجودات الزكوية للشركة؛ فإنه يخرج زكاة ذلك المقدار بنسبة ربع العشر (2.5%).

ب. وإن لم يعرف فعليه أن يضم ريعه إلى سائر أمواله من حيث الحول والنصاب ويخرج منها ربع العشر (2.5%) وتبرأ ذمته بذلك.

جـ ـ حصص التأسيس:

أما حصص التأسيس فيمكننا أن نعتبرها تبرعًا ـ هبة ـ التزم بها أصحاب الشركة لأناس معينين، كنسبة مقتطعة من الربح سنويًا. وإن كان هذا المبلغ مجهولاً في وقت الوهب، فإنه آيل للعلم وقت القبض.

قال الإمام مالك: تصح هبة المجهول؛ لأنه تبرع فصح في المجهول، كالنذر والوصية.

ومع قولنا بجواز إصدار حصص التأسيس، فإنه لا يجوز التعامل بها بيعًا وشراءً قبل قبض المبلغ المخصص لها من الربح، لعدم ملك حاملها لمحتواها إلا بالقبض، فينطبق عليه قوله (صلى الله عليه وسلم): "لا تبع ما ليس عندك".

قال البهوتي: ولا يصح بيع العطاء قبل قبضه؛ لأن العطاء مغيب، فيكون من بيع الغرر، ولا يصح بيع رقعة به: أي بالعطاء، لأن المقصود بيع العطاء. وهذا هو مذهب جمهور الفقهاء. وكذلك لا تجب الزكاة في حصص التأسيس، لعدم كمال الملك فيها، والله أعلم.

ثانيا: السندات

التعريف اللغوي: السندات جمع سند، والسند في اللغة ما قابلك من الجبل، وعلا من السفح ومعتمد الإنسان، وضرب من البرود.

التعريف الاصطلاحي: ونقصد به اصطلاح الاقتصاديين، وهو المستعمل في سوق الأوراق المالية. وهو: صك قابل للتداول يمثل قرضًا يعقد عادة بوساطة الاكتتاب العام، وتصدره الشركات أو الحكومة وفروعها، يعتبر حامل سند الشركة دائنًا للشركة، ولا يعد شريكًا فيها، على خلاف حامل السهم. ويعطى حملة السندات فائدة ثابتة سنوياً ولهم الحق في استيفاء قيمتها عند حلول أجل معين.

خصائص السندات: وللسندات خصائص مميزة لها، وهي:

أ) يمثل السند دينًا على الشركة، فإذا أفلست أو قامت بأعمال تضعف التأمينات الخاصة الممنوحة من قبلها لحملة السند، سقط أجل الدين، واشترك حامل السند مع باقي الدائنين للشركة في استيفاء حقوقهم.

ب) يستوفي حامل السند فائدة ثابتة، سواء ربحت الشركة أم خسرت، ويجوز أن يشترط حامل السند نسبة مئوية في الأرباح، ولا يعتبر مساهمًا، لأنه لا يحق له التدخل قي إدارة الشركة.

جـ) لحامل السند حق الأولوية في استيفاء قيمة السند عند التصفية قبل السهم.

د) لا يشترك حامل السند في الجمعيات العامة للمساهمين، ولا يكون لقراراتها أي تأثير بالنسبة له؛ إذ لا يجوز للجمعية أن تعدل التعاقد، ولا أن تغير ميعاد استحقاق الفوائد.

هـ) يكون السند طويل الأجل.

و) يكون السند قابلاً للتداول كالسهم.

ز) قرض السندات قرض جماعي.؛ فالشركة تتعاقد مع مجموع المقرضين، لأن القرض مبلغ إجمالي، مقسم إلى أجزاء متساوية، هي السندات.

حقوق حامل السند: لحامل السند حقان أساسيان:

أ) الحصول على فائدة قانونية ثابتة في مواعيدها المتفق عليها، سواء ربحت الشركة أو خسرت.

ب) استيفاء قيمة السند في الأجل المضروب. وقد يكون ذلك عن طريق الاستهلاك بالقرعة. وما عدا ذلك فله حقوق الدائن تجاه مدينه، وفقًا للأحكام القانونية.

طريقة إصدار السندات:

الإصدار هو العملية التي تمكن الشركة من طرح سنداتها على الجمهور، ويتم ذلك بطريق الاكتتاب العام، ويكون عادة بواسطة البنوك، وتعلن الشركة كل المعلومات المتعلقة بالسندات، وأهمها الوفاء بالمبلغ الذي تعهدت به، ومقدار الفائدة القانونية.

أنواع السندات : أنواع السندات خمسة، هي:

أ) السند المستحق الوفاء بعلاوة إصدار: وهو السند الذي تصدره الشركة بمبلغ معين يسمى "سعر الإصدار"، ولكنها تتعهد برد المبلغ في ميعاد الوفاء بسعر أعلى، مضافاً إليه علاوة تسمى "علاوة إصدار" فمثلاً تصدر الشركة سعر الإصدار بمبلغ (50) وحدة نقدية (دينار / ريال / جنيه / دولار)، ولكنها توقعه بمبلغ (60) وحدة نقدية أي بعلاوة إصدار قدرها عشر وحدات نقدية.

ب) سند القبض: وهو السند الذي يصدر بقيمة اسمية وحقيقية، أي تستوفي الشركة القيمة المعينة في السند، وتحدد لصاحبه فائدة ثابتة بتاريخ استحقاق معين، ولكنها تجري القرعة في كل عام لإخراج عدد من السندات، وتدفع لأصحابها مع قيمتها مكافأة، وتجري قرعة لتعيين السندات التي تستهلك بدون فائدة، وهذا السند نوع من أنواع اليانصيب. وقد منعت القوانين إصدار هذه الأنواع إلا بقانون خاص، أو بإذن من الحكومة.

جـ) سند النصيب بدون فائدة: وهو السند الذي يسترد حامله رأس ماله في حالة الخسارة، بخلاف سند النصيب ذي الفائدة (النوع الثاني)، فإنه لا يسترد حامله شيئًا قي حالة الخسارة.

د) السند ذو الاستحقاق الثابت الصادر بسعر الإصدار: وهو السند العادي، إلا أن مدته تكون عادة قصيرة، ويعطى فائدة مرتفعة.

هـ) السند المضمون: وهو السند الذي تقدم الشركة ضمانًا عينيًا للوفاء به، بأن ترهن عقاراتها في مقابل السندات المضمونة، أو ترهن عقاراً أو مالاً عينيًا لكل سند، وتلجأ الشركة إلى إصدار مثل هذه السندات إذا كانت بحاجة إلى اجتذاب رجال المال لإقراضها بالنقد، لكي تتلافى سوء أحوالها المادية، ويعرف هذا النوع في إنجلترا باسم "السندات العادية".

هذه هي أنواع السندات من حيث حقوق أصحابها، ولكنها قد تتنوع من ناحية الشكل إلى:

أ) سند لحامله: لا يذكر عليه اسم الدائن، ويتعهد محرره بدفع مبلغ معين من النقود في تاريخ معين، أو بمجرد الاطلاع، لمن يحمل هذا السند.

ب) السند الإسمي: يذكر فيه اسم الدائن، ويكون شأنه شأن الأسهم الاسمية.

الحكم الشرعي في السندات

التكييف الفقهي للسندات: من تعريف السند عند الاقتصاديين يتبين: أنه إثبات خطي بدين ثابت لشخص في ذمة شخص آخر.

وهذه المسألة لا حرج فيها شرعًا، بل هي مطلوبة بنص القرآن الكريم، قال تعالى: "يأيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه" (البقرة: 282) قال القرطبي رحمه الله: "ذهب بعض الناس إلى أن كتابة الديون واجب على أربابها، فرض بهذه الآية، بيعاً كان أو قرضاً، لئلا يقع فيها نسيان أو جحود، وهو اختيار الطبري. وقال ابن جريج: من أدان فليكتب، ومن باع فليُشهد. وقال الشعبي: كانوا يرون أن قوله: "فإن أمن" (البقرة: 282) ناسخ لأمره بالكتب، وحكى نحوه ابن جريج، وقاله ابن زيد، وروي عن أبي سعيد الخدري. وذهب الربيع إلى أن ذلك واجب بهذه الألفاظ، ثم خففه الله تعالى بقوله: "فإن أمن بعضكم بعضا" (البقرة: 282).

وقال الجمهور: الأمر بالكتابة ندب إلى حفظ الأموال وإزالة الريب، وإذا كان الغريم تقيًا فما يضره الكتاب، وأن كان غير ذلك فالكتاب إثبات لدينه ولحاجة صاحب الحق. قال بعضهم: إن أشهدت فحزم، وإن ائتمنت ففي حل وسعة. قال بن عطية: وهذا هو القول الصحيح. ولا يترتب نسخ في هذا؛ لأن الله تعالى ندب إلى الكتاب فيما للمرء أن يهبه ويتركه بإجماع، فندبه إنما هو على جهة الحيطة للناس.

ولكن المحظور الشرعي يأتي من الفائدة التي يُعطاها أصحاب السندات، فهي زيادة في قيمة القرض مقابل الأجل وهي عين ربا النسيئة: وربا النسيئة محرم بالكتاب والسنة والإجماع.

ولا فرق بين أن تكون هذه الزيادة قليلة أو كثيرة، حيث قال ابن قدامة (رحمه الله) وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف.

قال ابن المنذر: أجمع على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية، فأسلف على ذلك، إن أخذ الزيادة على ذلك ربا. وقد روي عن أبي بن كعب، وابن عباس، وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة. ولأنه عقد إرفاق وقرضه، فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه، ولا فرق بين الزيادة في القدر أو في الصفة.

حكم التعامل بالسندات: وأياً كان نوع السندات فهي محرمة ما دامت تصدر بفائدة ثابتة معينة؛ لذا لا يجوز إصدارها ولا تداولها، لقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "لعن الله آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وقال: هم سواء". وعلى هذا جرت البنوك الإسلامية فهي لا تتعامل في السندات.

هذا هو الحكم الإجمالي في المسألة، وتحتاج المسألة إلى شيء من التفصيل بالنسبة لمن تورط في شيء من المعاملة في هذه السندات، وأراد التوبة والتخلص منها. فقد قال الله تعالى: "وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون" (البقرة: 282). ففي هذه الحالة ليس لصاحب السند الحق إلا في رأس ماله، أما الفائدة فلا تحق له.

ويستطيع صاحب السند التخلص من سنده، بإحدى هذه الطرق:

أ) إما أن ينتظر انقضاء مدة السند، دون أن يسعى إلى تجديده إذا طلبت الجهة المقترضة ذلك، وليس له أخذ الفائدة المترتبة على السند بل يتبرع بها إلى الجهات الخيرية ـ كما اختارت أكثر لجان الفتوى.

ب) الصلح مع المقترض.

جـ) وإذا قلنا: إن العقد صحيح والشرط فاسد ـ كما هو مذهب بعض الفقهاء، فلها أن يحيل بعض دائنيه على المقترض بالسعر الذي اشترى به السند، والله أعلم.

ولا يجوز التخلص من السند ببيعه لغيره؛ لأنه من بيع الدين لغير من هو عليه، وهو غير جائز عند جمهور الفقهاء، ولو قلنا بجواز بيع الدين لغير من هو عليه بشروطه، كمذهب من أجازه، فإنه لا يجوز في مسألة السندات، لما فيها من الربا، فندخل في عموم قوله (صلى الله عليه وسلم): "لعن الله آكل الربا، وموكله، وشاهده، وكاتبه" (السيوطي، الجامع الصغير).

زكاة السندات: تزكى السندات زكاة الدين المرجو الأداء، بأن كان على موسر مقر بالدين وفي المسألة تفصيل ينظر في مظانِّه. أما الفائدة فلا زكاة عليها بل يتخلص منها كلها؛ لأنها لا تحل له.

ويظهر مما مضى، الفرق بين السند والسهم في النقاط التالية:

أ) ليس لحامل السند أن يتدخل في شئون الهيئة العامة للمساهمين، بينما ذلك من حق صاحب السهم، وليس لصاحب السند حق التصويت والرقابة على الإدارة، خلافًا لصاحب السهم.

ب) حق حامل السهم في الربح، والربح متغير، بينما حق صاحب السند في فائدة ثابتة لا تتغير.

جـ) تستوفي قيمة السند في الوقت المحدد للوفاء، أما السهم فلا تستوفي قيمته إلا عند التصفية، أو استهلاك السهم، أو التأمين.

د) تنقطع صلة حامل السند في الشركة عند استيفاء قيمة السند، أما حامل السهم فتبقى صلته بالشركة قائمة إذا استهلك سهمه، ويبقى له حق المساهمة في الربح والاشتراك في الجمعية العامة.


أنواع عمليات أسواق الأوراق المالية

تنقسم عمليات أسواق الأوراق المالية إلى عمليات عاجلة وعمليات آجلة.

أ ـ العمليات العاجلة:

وهي العمليات التي يلتزم كل من المشتري والبائع بتنفيذ عقودها، وذلك بأن يسلم البائع الأوراق المالية، ويسلم المشتري ثمنها حالاً، أو خلال مدة وجيزة جدًّا: أي خلال 48 ساعة على الأكثر.

وتجري العمليات في السوق العاجلة، على أية كمية من الأوراق المالية ولو ورقة واحدة. ويعمد المتعاملون في سوق الأوراق المالية، إلى التعامل العاجل لواحد من السببين التاليين أو لكليهما:

للاحتفاظ بها، والاستفادة مما تدره عليهم من أرباح عند توزيع الأرباح، وغيرها من الحقوق المتعلقة بالأوراق المالية المشتراة.

للمضاربة على ارتفاع أسعارها، فيعمدون إلى بيعها لدى تحسن أسعارها في السوق، مع ملاحظة أن أسعار الأوراق المالية في السوق العاملة أقل ارتفاعًا من أسعارها في السوق الآجلة.

ب ـ العمليات الآجلة:

وهي العمليات التي يلتزم بموجبها كل من المشتري والبائع على تصفيتها في تاريخ مقبل معين، يجري فيه التسليم والتسلم. ما عدا حالات التأجيل التي يتفق فيها الطرفان على شروط تأجيلها وتعويضها. وتجري التصفية في كل شهر مرة واحدة، حيث تسوى الصفقات نهائيًا بين المتعاملين، ويتم دفع الثمن وتسلم الأوراق المالية ـ فعليًا ـ خلال عدة أيام من تاريخ التصفية.

ويشترط في الأوراق التي تشملها عمليات السوق الآجلة، أن تكون موجودة بكثرة، وأن يكون تداولها مألوفًا بصورة دائمة، وأهم العمليات التي يجري بها التعامل في السوق الآجلة العمليات التالية:

العمليات الباتَّة القطعية:

يُحدد تنفيذها بموعد ثابت يُسمَّى موعد التصفية، يلتزم المتعاقدون فيه بدفع الثمن، وتسلم الأوراق المالية موضوع الصفقة، ولا يمكنهم الرجوع عن تنفيذ العملية، إلا أنه للمتعاملين في العمليات الباتة تأجيل موعد التسوية النهائية حتى موعد تسوية لاحق، ويؤدي تنفيذ البيع البات، إلى خسارة أحد الطرفين المتعاملين ـ البائع أو المشتري ـ إلا إذا كان السعر يوم التصفية معادلاً لسعر البيع نفسه.

ويمكن أن يتضمن البيع البات ما يُسمَّى بشرط خيار التنازل عن الأجل، ويتمتع المشتري وحده بهذا الخيار، ويلجأ المشتري إلى استعمال هذا الخيار لإيقاف حركة هبوط السعر، فعندما يلاحظ اتجاه الأسعار نحو الهبوط، يُطلب من البائع تسليمه الأوراق المالية موضوع الصفقة قبل الموعد المتفق عليه، فيشتري البائع هذه الأوراق من السوق بالسعر العاجل، فيزيد من الطلب عليها، وبالتالي ترتفع أسعارها مرة أخرى، أو على الأقل تقف حركة الهبوط في سعر الورقة المالية المعينة، ولا يلزم مشتري الأوراق بالبيع، بل يمكنه تكليف وسيط، ببيع هذه الأوراق، ويسجل رصيد العملية إذا اقترنت بربح في رصيد دائن.

العمليات الآجلة بشرط التعويض:

وهي العمليات التي يلتزم كل من البائع والمشتري بتصفيتها في تاريخ معين، على أنه يحق لأحد الطرفين عدم تنفيذ العملية، وذلك مقابل تخليه عن مبلغ من المال متفق عليه مسبقًا، كتعويض، أو يتنازل عن تنفيذ الصفقة، فيقال: إنه تنازل عن التعويض، وتنقسم العمليات الآجلة بشرط التعويض إلى:

أ) العمليات الشرطية للمشتري:

ويكون الخيار فيها للمشتري بين استلام الصكوك وبين التخلي عن التعويض ويكون البائع ملزمًا بالقرار النهائي للمشتري، ويجب أن تتضمن أوامر السوق المتعلقة بالعمليات الآجلة شرط التعويض عناصر ثلاثة مهمة، وهي: السعر، ومقدار التعويض، وأجل التصفية.

ب) العمليات الشرطية للبائع:

في هذا النوع من العمليات، يحق للبائع في يوم جواب الشرط تنفيذ الصفقة أو التنازع عن تنفيذها، مقابل دفع تعويض متفق عليه مسبقاً.

جـ) البيع مع خيار الزيادة:

في هذا النوع من العمليات يحق لواحد من المتعاملين الاستزادة من (البيع والشراء) عند حلول الأجل المتفق عليه، ويتخذ شكلين:

خيار الزيادة للمشتري.

خيار الزيادة للبائع.

إذا كان حق الزيادة للمشتري (للبائع) فيمكنه طلب تسلم (تسليم) ضعف الأوراق المشتراة (المبيعة) أو أكثر، ويعتبر الشراء (البيع) باتًا في الكمية المتفق عليها مسبقًا، واختياريًا بالنسبة للكميات الزائدة، وتكون أسعار الأوراق المالية في هذه الحال أعلى (أدنى) من أسعارها في السوق الباتة.

والمشترى (البائع) يوازن بين الأسعار الباتة، والأسعار الآجلة بشرط الزيادة، وأسعار السوق في موعد التصفية، محاولاً معرفة إمكانات الربح والخسارة.

د) العمليات الآجلة بشرط الانتقاء:

للمتعاملين في سوق الأوراق المالية بموجب هذا الشرط الخيار في إبرام الصفقة في موعدها بصفتهم من المشترين أو البائعين لقيمة معينة من الأوراق المالية المتفق عليها مسبقًا. ولهذه العمليات سعران، وللمتعامل الخيار في الشراء بالسعر الأعلى، أو البيع بالسعر الأدنى. فالمتعاملون بهذه العمليات يعتقدون أنه سيحدث تغير كبير في أسعار الأوراق المالية ارتفاعًا أو هبوطًا، بينما يعتقد بائعو الأوراق المالية أن الأسعار لن يطرأ عليها تغير كبير، بل إن السوق ستبقى هادئة.

هـ) المرابحة والوضيعة:

تتطلب تسوية صفقات سوق الأوراق المالية الناجمة عن إبرام العمليات الباتة، وجود أموال نقدية كبيرة في متناول يد المشتري، تخصص لإيفاء الدين المترتب على عقد الصفقة، كما يتطلب مجموعة من الأوراق المالية، وعدم التصرف فيها انتظارًا لتنفيذ العقد. ولأن هذا فيه إرهاق كبير للمتعاملين ـ من وجهة نظر سوق الأوراق المالية - فقد تضمنت أنظمة التعامل بالسوق نوعًا من العمليات الآجلة، فيه بعض التسهيلات حسب ما تتطلبه عمليات المضاربة، وأهم هذه العمليات عمليات المرابحة والوضيعة.

وبمقتضى هذه العمليات يجوز للمتعاملين في سوق الأوراق المالية، تأجيل موعد تسوية الصفقة حتى موعد التصفية اللاحق. ويحدث ذلك عندما يشعر المتعاملون في السوق بأنهم لن يستطيعوا تنفيذ الصفقة التي عقدوها، نظرًا لتطور الأسعار خلافًا لتقديراتهم.

و) العمليات المركبة:

يلجأ المضاربون في سوق الأوراق المالية، إلى القيام بعمليات مركبة من العمليات التي سبق ذكرها، ولا حصر للعمليات المركبة نظريًا، ولكن أكثر العمليات المركبة تعاملاً بها هي العمليات الأربع:

شراء عاجل مقابل بيع بشرط التعويض (الخيار للمشتري).

شراء بات مقابل بيع بشرط التعويض.

شراء بشرط التعويض مقابل بيع بات.

شراء بشرط التعويض مقابل بيع بشرط التعويض.

الحكم الشرعي لهذه العمليات:

أ) العمليات العاجلة:

وهي – بصفة عامة - عملية بيع وشراء شرعيين، وينطبق عليها من حيث التفصيل الكلام المتقدم في بيع وشراء السندات والأسهم وحصص التأسيس.

ب) العمليات الآجلة:

في الغالب تتم العمليات الآجلة على سلع وهمية ـ غير موجودة عند البائع ـ وتكون عمليتا البيع والشراء صوريتين، حيث تباع الأوراق المالية، وتنتقل من يد إلى يد على الورق فقط، دون أن يكون لها وجود فعلي. فإن كان الأمر كذلك، فهذه المعاملة لا تجوز؛ لأنها من أنواع بيوع الغرر: أي أنها بيع معدوم. قال النووي: بيع المعدوم باطل بالإجماع، ونقل ابن المنذر، وغيره إجماع المسلمين على بطلان بيع الثمرة سنتين ونحو ذلك. ودليلهم نهي الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن بيع الغرر، ونهي الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن بيع الإنسان ما ليس عنده.

كما أنه في الغالب أن يبيع المشتري لمشتر آخر أوراقه المالية قبل قبضها من البائع، وهذا الأمر وإن لم يجره جمهور الفقهاء، فقد أجازه المالكية في غير الطعام، ومنعوه في الطعام بشروط.

فإن سلمت العمليات الآجلة من بيع المعدوم فإنها تحتاج إلى تفصيل كما يلي:

أ. العمليات الباتة القطعية:

وهي ـ كما بينا ـ تلك العمليات التي يحدد موعد تنفيذها بموعد ثابت، يُسمّى موعد التصفية، يلتزم المتعاقدون فيه بدفع الثمن وتسلم الأوراق المالية، إلا أن للمتعاقدين تأجيل موعد التصفية النهائية حتى موعد تصفية لاحق.

والبيع في هذه الصورة صحيح، إن كان التعامل يجري على أوراق مالية يجوز التعامل فيها ـ كما بينَّا سابقاً، ويملك المشتري المبيع، ويملك البائع الثمن، ويتم ملك المشتري للمبيع بمجرد عقد البيع الصحيح، ولا يتوقف على التقابض، وإن كان للتقابض أثره في الضمان.

وقد جاء في الموسوعة الفقهية: "ولا يمنع من انتقال الملك في المبيع أو الثمن كونهما ديونًا ثابتة في الذمة، إذا لم يكونا من الأعيان؛ لأن الديون تملك في الذمم، ولو لم تتعين، فإن التعيين أمر زائد عن أصل الملك. فقد يحصل مقارنًا له، وقد يتأخر عنه إلى أن يتم التسليم، كما لو اشترى مقدارًا معلومًا من كمية معينة من الأرز، فإن حصته من تلك الكمية لا تتعين إلا بعد التسليم، وكذلك الثمن في الذمة.

ويرى المالكية والحنابلة وغيرهما أنه يجوز أن يشترط تأجيل تسليم المعين إلى المدة التي يحددها المتعاقدان، واستدلوا بحديث جابر (رضي الله عنه) "أنه كان يسير على جمل قد أعيى، فضربه النبي (صلى الله عليه وسلم) فسار سيرًا لم يسر مثله، فقال: "أتعنيه".. فبعته، واستثنيت حملانه إلى أهلي.

أما الدين فلا خلاف في جواز تأجيله.

وهذه الأوراق عبارة عن ديون؛ لأنها لا تتعين بالتعيين، ولكن تحدد بالجنس والنوع ـ كأسهم من الشركة الفلانية… إلخ.

وفي حالة رغبة المتعاقدين في تأجيل موعد التصفية، يجب أن يكون ذلك مجانًا، فإن كان التأجيل في مقابلة زيادة من أحد الطرفين، فإنه لا يجوز، لأنه ربا، والله أعلم.

ب. العمليات الآجلة بشرط التعويض:

وهي ـ كما بينّا ـ العمليات التي يلتزم فيها المتعاقدون بتصفيتها في تاريخ محدد على أنه يحق لأحد الطرفين عدم تنفيذ العملية، وذلك مقابل تخليه عن بيع مبلغ من المال متفق عليه مسبقًا.

وهذه العملية إن كان الخيار فيها للمشتري فهي أشبه ما تكون ببيع العربون، وجمهور الفقهاء يرون عدم صحته للنهي الوارد فيه؛ ولأنه من أكل أموال الناس بالباطل، لأنه المشتري شرط للبائع شيئًا بغير عوض، فلم يصح، كما لو شرطه لأجنبي، وفيه غرر، لأنه بمنزله الخيار المجهول.

وذهب الحنابلة إلى صحة هذا النوع من البيوع، لما روي عن نافع بن الحارث أنه اشترى لعمر دار السجن من صفوان بن أمية، قال: فإن عمر رضي، وإلا فله كذا وكذا. قال الأثرم: قلت لأحمد: تذهب إليه؟ قال: أي شيء أقول.. هذا عمر رضي الله عنه، فهذا البيع تم تعليقه على موافقة عمر بن الخطاب على الشروط التي توصل إليها في مفاوضات الشراء.

أما إذا كان الخيار للبائع، فإذا لم يرغب في البيع دفع مبلغًا من المال للمشتري، فهو أشبه ما يكون باشتراط عقد هبة في عقد البيع، لأن المشتري لا حق له في مبلغ المال إلا إذا كان على وجه الهبة.

واشتراط عقد في عقد آخر لا يصح، لما ورد من حديث ابن مسعود قال: "نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن صفقتين في صفقة".

ج. البيع مع خيار الزيادة:

وهو بيع يحق لكل من البائع والمشتري الاستزادة من البيع أو الشراء عند حلول الأجل، على سبيل التخيير للطرف الآخر. وهذه العملية مركبة من بيع، ووعد بالبيع (أو الشراء) عند إتمام الصفقة الأولى، مع علم الطرف الثاني بعدم إلزام هذا الوعد، فتكون عملية البيع صحيحة، وتكون الصفقة الأخرى إذا تمت عقد بيع جديد، لا علاقة له بالعقد الأول.

د. العمليات الآجلة بشرط الانتقاء:

يعطي فيها الخيار للمتعاقدين، بأن يختار كل منها في موعد التصفية أن يكون إما بائعًا أو مشتريًا، إنما هو نوع من المساومة، ثم إن تم في الموعد المحدد عقد البيع بين الطرفين على سعر معلوم وكمية معلومة، فتعتبر عملية البيع عملية شرعية ـ إذا كانت الأوراق المادية من النوع المباح التعامل بها.

هـ. المرابحة والوضيعة:

ويمكن توضيح الكلام النظري الذي سبق عن هذا النوع من المعاملة، بالمثال التالي: متعامل في سوق الأوراق المالية اشترى في 3 إبريل 50 سهمًا من شركة ما، بسعر 50 وحدة نقدية للسهم الواحد، مضاربًا على ارتفاع الأسعار حتى موعد التصفية القادم، فعندما يحين موعد التصفية هناك احتمالان:

الأول: ارتفاع الأسعار حسب تقديرات المشتري، كأن يبلغ سعر الورقة المالية 60 وحدة نقدية، وهنا سوف يعمد المشتري إلى تنفيذ الصفقة، ويكون ربحه من العملية 50× (60 – 50) = 500 وحدة نقدية.

الثاني: انخفاض الأسعار خلافًا لتقديرات المشتري، كأن يبلغ سعر الورقة المالية موضوع الصفقة 45 وحدة نقدية، فإذا نفذ المشتري العملية ستكون هناك خسارة محققة تبلغ 50 × (50 – 45) = 250 وحدة نقدية. فسيقرر المشتري تأجيل موعد التصفية حتى موعد التصفية اللاحق، في انتظار تحسن سعر الورقة المالية المعنية؛ لكي يتمكن المشتري من تأجيل وضيعته، فهو يبحث عن ممول يقبل بشراء الأسهم شراء باتًا في موعد التصفية، ويبيعها له ثانية بيعًا مؤجلاً حتى موعد التصفية المقبل، وذلك لقاء فائدة يدفعها المشتري للممول تُسمّضى فائدة التأجيل أو المراجعة، وتتم هذه العملية بناء على سعر للأوراق المالية تقدره لجنة السوق.

ويتضح من المثال السابق أن هذه العملية مركبة من عمليتين مستقلتين بعضهما عن بعض. هاتان العمليتان هما:

الأولى عملية بيع شرعي، اشترط فيه تأجيل تسليم السلعة والثمن إلى موعد محدد، وقد سبق الكلام عنها.

أما العملية الثانية منهما؛ فهي عكس بيع العينة.

قال في كشاف القناع: وعكس مسألة العينة، وهو أن يبيع السلعة أولاً بنقد يقبضه، ثم يشتريها من مشتريها بأكثر من الأول من جنسه نسيئة، وهي مثل العينة في الحكم. وذهب جمهور العلماء إلى حرمة العينة، لما ورد من النهي فيها، ولأنها ذريعة إلى الربا، والذريعة معتبرة في الشرع، بدليل منع القاتل من الإرث. وأجازها الشافعي، مع الكراهة.

أما العمليات المركبة فكلها لا تجوز؛ لأنها عبارة عن اشتراط صفقة في صفقة أخرى، وقد مر الكلام عنها، والله أعلم.

ليست هناك تعليقات: